الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
قال المصنف رحمه الله تعالى ( ويكره nindex.php?page=treesubj&link=1049_27690نعي الميت للناس والنداء عليه للصلاة . لما روي عن nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة رضي الله عنه أنه قال " إذا مت فلا تؤذنوا بي أحدا إني أخاف أن يكون نعيا " وقال nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله " الإيذان بالميت من نعي الجاهلية " ) .
[ ص: 173 ] الشرح ) النعي بفتح النون وكسر العين وتشديد الياء ويقال : بإسكان العين وتخفيف الياء لغتان والتشديد أشهر . والنداء بكسر النون وضمها لغتان الكسر أفصح . وروى الترمذي بإسناده عن { nindex.php?page=hadith&LINKID=22589nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة رضي الله عنه قال : إذا مت فلا تؤذنوا بي أحدا إني أخاف أن يكون نعيا . فإنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن النعي } قال الترمذي : حديث حسن . ( أما حكم المسألة ) فقال المصنف والبغوي وجماعة من أصحابنا : يكره nindex.php?page=treesubj&link=1049_27690نعي الميت والنداء عليه للصلاة وغيرها . وذكر الصيدلاني وجها أنه لا يكره . وقال صاحب الحاوي : اختلف أصحابنا nindex.php?page=treesubj&link=1049هل يستحب الإيذان بالميت ؟ وإشاعة موته في الناس بالنداء عليه والإعلام ؟ فاستحبه بعضهم لكثرة المصلين والداعين له . وقال بعضهم : لا يستحب ذلك وقال بعضهم : يستحب ذلك للغريب . إذا لم يؤذن به لا يعلمه الناس . وقال صاحب التتمة : يكره nindex.php?page=treesubj&link=1049_27690_26349ترثية الميت بذكر آبائه وخصائله وأفعاله ولكن الأولى الاستغفار له ، وقال غيره : يكره نعيه والنداء عليه للصلاة . فأما تعريف أهله وأصدقائه بموته فلا بأس به . وقال ابن الصباغ في آخر كتاب الجنائز : قال أصحابنا : يكره النداء عليه ولا بأس أن يعرف أصدقاؤه . وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة : لا بأس به .
ونقل العبدري عن nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=15858وداود أنه لا بأس بالنعي . هذا ما ذكره الأصحاب فقد ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=19536نعى nindex.php?page=showalam&ids=888النجاشي لأصحابه في اليوم الذي مات فيه وخرج بهم إلى المصلى وصلى بهم عليه } { nindex.php?page=hadith&LINKID=39383وأنه صلى الله عليه وسلم نعى nindex.php?page=showalam&ids=315جعفر بن أبي طالب nindex.php?page=showalam&ids=138وزيد بن حارثة nindex.php?page=showalam&ids=82وعبد الله بن رواحة رضي الله عنهم وأنه صلى الله عليه وسلم قال في إنسان كان يقم المسجد - أي : يكنسه فمات فدفن ليلا : أفلا كنتم آذنتموني به ؟ وفي رواية ما منعكم أن تعلموني } فهذه النصوص في الإباحة . وجاء في الكراهة حديث nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة الذي ذكرناه . قال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : ويروى ذلك يعني النهي عن nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=44وأبي سعيد ثم nindex.php?page=showalam&ids=16588علقمة nindex.php?page=showalam&ids=15990وابن المسيب nindex.php?page=showalam&ids=14355والربيع بن خيثم nindex.php?page=showalam&ids=12354وإبراهيم النخعي رضي الله عنهم . ولمن قال بالكراهة أن يجيب عن نعي [ ص: 174 ] nindex.php?page=showalam&ids=888النجاشي وغيره ممن سبق أنه لم يكن نعيا وإنما كان مجرد إخبار بموته فسمي نعيا لشبهه به في كونه إعلاما . والجواب لمن قال بالإباحة أن النهي إنما هو عن نعي الجاهلية الذي أشار إليه صاحب التتمة . ويرد عليه قول nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة ; لأنه لم يقل أن الإعلام بمجرده نعي وإنما قال : أخاف أن يكون نعيا وكأنه خشي أن يتولد من الإعلام زيادة مؤدية إلى نعي الجاهلية .
والصحيح الذي تقتضيه الأحاديث التي ذكرناها وغيرها أن الإعلام بموته لمن لم يعلم ليس بمكروه ، بل إن قصد به الإخبار لكثرة المصلين فهو مستحب وإنما يكره ذكر المآثر والمفاخر والتطواف بين الناس بذكره بهذه الأشياء . ، وهذا نعي الجاهلية المنهي عنه ، فقد صحت الأحاديث بالإعلام فلا يجوز إلغاؤها وبهذا الجواب أجاب بعض أئمة الفقه والحديث المحققين ، والله أعلم .