الفصل الثالث 
إذا حلق شعرا وقلم ظفرا ناسيا ، أو مخطئا ، أو جاهلا    : فالمنصوص عنه أن فيه الكفارة ، قال - في رواية عبد الله  ، وصالح  ، وحنبل    - : من زعم أن الخطأ والنسيان مرفوع عنه يلزمه لو قتل صيدا ناسيا ، أو تنور ناسيا وهو محرم لم يكن عليه شيء وقد أوجب الله في قتل الخطأ تحرير رقبة . 
وقد تقدم نصه - في رواية أبي طالب    - على مثل ذلك ، وأن قتل الصيد ، وحلق الشعر ، والوطء يستوي عمده وخطؤه ، وخرج أبو الخطاب  وغيره : أنه لا شيء عليه كالرواية التي في قتل الصيد وأولى ، لأن قتل الصيد إتلاف محض بخلاف الحلق ، والتقليم فإنه يشبه الترفه والاستمتاع . 
ولأن قتل الصيد ضمان كضمان الأموال فتقدير كفارته بقدره بخلاف الشعر والظفر ، فإن كفارته ككفارة الطيب واللباس . وهذا قول قوي . 
 [ ص: 404 ] وأما على المشهور : فقد فرق من لم يوجب الكفارة في اللباس والطيب إذا كان خطأ . وبين هذا من أصحابنا لوجهين : 
أحدهما : أن الحلق والقلم إتلاف والمحظور منه جهة الإتلاف ، ولهذا لو نتف الشعر ، أو أحرقه لزمته الفدية ، وإن لم يكن استمتاع ، وباب الإتلاف يستوي فيه العامد والمخطئ كإتلاف النفوس والأموال . واللباس والطيب : استمتاع ، والمحظور منه الاستمتاع ، ولهذا لو أحرق الطيب ، أو أتلفه : لم يلزمه شيء والاستمتاع فعل يفعله المحرم فاعتبر فيه القصد إليه والعلم بتحريمه جريا على قاعدة المحظورات ؛ في أن ما كان مقصوده الترك لا يأثم بفعله ناسيا ، وقياسا على أكل الصائم . 
وهذا الفرق لا يجيء على أصلنا ؛ لأن الجماع استمتاع محض ، وقد استوى فيه العامد والساهي . 
والفرق الثاني : وهو فرق أحمد    - : أن الحلق والتقليم والقتل والوطء : قد فات على وجه لا يمكن تداركه وتلافيه ، ولا يقدر على رده ، ولا على إزالة أثره الباقي بعد زواله . 
وأما اللباس والطيب : فإذا ذكر أمكنه نزع الثياب وغسل الطيب فكان ذلك كفارة ما فعله الناسي في حال النسيان . فعلى مقدمات الوطء ، والدهن وغسل   [ ص: 405 ] الرأس بالخطمي والسدر ، وكذلك غسل البدن بذلك ، وإزالة الوسخ : يلحق بالوطء . وعلى الوجه الأول يلحق بالطيب . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					