( أولى لك فأولى  ثم أولى لك فأولى  أيحسب الإنسان أن يترك سدى    ) 
قوله تعالى : ( أولى لك فأولى  ثم أولى لك فأولى    ) قال قتادة  ، والكلبي  ، ومقاتل    : أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيد أبي جهل  ثم قال : ( أولى لك فأولى    ) توعده ، فقال أبو جهل     : بأي شيء تهددني ؟ لا تستطيع أنت ولا ربك أن تفعلا بي شيئا ، وإني لأعز أهل هذا الوادي ، ثم انسل ذاهبا ، فأنزل الله تعالى كما قال له الرسول عليه الصلاة والسلام ، ومعنى قوله ( أولى لك    ) بمعنى ويل لك ، وهو دعاء عليه بأن يليه ما يكرهه ، قال القاضي : المعنى بعد ذلك ، فبعدا [ لك ] في أمر دنياك ، وبعدا لك في أمر أخراك ، وقال آخرون : المعنى : الويل لك مرة بعد ذلك ، وقال القفال    : هذا يحتمل وجوها : 
أحدها : أنه وعيد مبتدأ من الله للكافرين    . 
والثاني : أنه شيء قاله النبي صلى الله عليه وسلم لعدوه ، فاستنكره عدو الله لعزته عند نفسه ، فأنزل الله تعالى مثل ذلك . 
والثالث : أن يكون ذلك أمرا من الله لنبيه ، بأن يقولها لعدو الله ، فيكون المعنى : ( ثم ذهب إلى أهله يتمطى    ) [ القيامة : 33] فقل له : يا محمد    : ( أولى لك فأولى    ) أي احذر ، فقد قرب منك ما لا قبل لك به من المكروه . 
قوله تعالى : ( أيحسب الإنسان أن يترك سدى    ) أي : مهملا ، لا يؤمر ولا ينهى ، ولا يكلف في الدنيا ولا يحاسب بعمله في الآخرة ، والسدى في اللغة المهمل ، يقال : أسديت إبلي إسداء أهملتها . 
واعلم أنه تعالى لما ذكر في أول السورة - قوله ( أيحسب الإنسان ألن نجمع عظامه    ) أعاد في آخر السورة ذلك ، وذكر في صحة البعث والقيامة  دليلين : 
الأول : قوله ( أيحسب الإنسان أن يترك سدى    ) ، ونظيره قوله ( إن الساعة آتية أكاد أخفيها لتجزى كل نفس بما تسعى    ) [ طه : 15] ، وقوله : ( أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار    ) وتقريره : أن إعطاء القدرة والآلة والعقل بدون التكليف والأمر بالطاعة والنهي عن المفاسد يقتضي كونه تعالى راضيا بقبائح الأفعال ، وذلك لا يليق بحكمته ، فإذا لا بد من التكليف ، والتكليف لا يحسن ولا يليق بالكريم الرحيم إلا إذا كان هناك دار الثواب والبعث والقيامة .   [ ص: 207 ] 
				
						
						
