( يب ) كان في جوار  أبي حنيفة  فتى يغشى مجلس  أبي حنيفة  ، فقال يوما  لأبي حنيفة    : إني أريد أن أتزوج ابنة فلان وقد خطبتها ، إلا أنهم قد طلبوا مني من المهر فوق طاقتي ، فقال : احتل واقترض وادخل عليها ، فإن الله تعالى يسهل الأمر عليك بعد ذلك ، ثم أقرضه  أبو حنيفة  ذلك القدر ، ثم قال له : بعد الدخول أظهر أنك تريد الخروج من هذا البلد إلى بلد بعيد ، وأنك تسافر بأهلك معك ، فأظهر الرجل ذلك ، فاشتد ذلك على أهل المرأة وجاءوا إلى  أبي حنيفة  يشكونه ويستفتونه ، فقال لهم  أبو حنيفة    : له ذلك ، فقالوا : وكيف الطريق إلى دفع ذلك ؟ فقال  أبو حنيفة    : الطريق أن ترضوه بأن تردوا عليه ما أخذتموه منه ، فأجابوه إليه ، فذكر  أبو حنيفة  ذلك للزوج ، فقال الزوج : فأنا أريد منهم شيئا آخر فوق ذلك ، فقال  أبو حنيفة    : أيما أحب إليك أن ترضى بهذا القدر وإلا أقرت لرجل بدين فلا تملك المسافرة بها حتى تقضي ما عليها من الدين ، فقال الرجل : الله الله لا يسمعوا بهذا ، فلا آخذ منهم شيئا ، ورضي بذلك القدر ، فحصل ببركة علم  أبي حنيفة   فرج كل واحد من الخصمين   . 
( يج ) عن  الليث بن سعد  قال : قال رجل  لأبي حنيفة    : لي ابن ليس بمحمود السيرة أشتري له الجارية بالمال العظيم فيعتقها ، وأزوجه المرأة بالمال العظيم فيطلقها  ، فقال له  أبو حنيفة    : اذهب به معك إلى سوق النخاسين فإذا وقعت عينه على جارية فابتعها لنفسك ثم زوجها إياه ، فإن طلقها عادت إليك مملوكة ، وإن أعتقها لم يجز عتقه إياها ، قال الليث    : فوالله ما أعجبني جوابه كما أعجبني سرعة جوابه   . 
( يد ) سئل  أبو حنيفة  عن رجل حلف ليقربن امرأته نهارا في رمضان  فلم يعرف أحد وجه الجواب ، فقال  أبو حنيفة    : يسافر مع امرأته   [ ص: 181 ] فيطؤها نهارا في رمضان   . 
( يه ) جاء رجل إلى الحجاج  ، فقال : سرقت لي أربعة آلاف درهم فقال الحجاج    : من تتهم ؟ فقال : لا أتهم أحدا ، قال : لعلك أتيت من قبل أهلك ؟ قال : سبحان الله ! امرأتي خير من ذلك ، قال الحجاج  لعطاره : اعمل لي طيبا ذكيا ليس له نظير ، فعمل له الطيب ، ثم دعا الشيخ ، فقال : ادهن من هذه القارورة ولا تدهن منها غيرك ، ثم قال الحجاج  لحرسه : اقعدوا على أبواب المساجد وأراهم الطيب ، وقال : من وجد منه ريح هذا الطيب فخذوه ، فإذا رجل له وفرة فأخذوه ، فقال الحجاج    : من أين لك هذا الدهن ؟ قال : اشتريته قال : اصدقني وإلا قتلتك ، فصدقه فدعا الشيخ ، وقال هذا صاحب الأربعة آلاف ، عليك بامرأتك فأحسن أدبها ، ثم أخذ الأربعة آلاف من الرجل ، وردها إلى صاحبها   . 
( يو ) قال الرشيد  يوما لأبي يوسف    : عند جعفر بن عيسى  جارية هي أحب الناس إلي وقد عرف ذلك ، وقد حلف أن لا يبيع ولا يهب ولا يعتق  ، وهو الآن يطلب حل يمينه ، فقال : يهب النصف ويبيع النصف ولا يحنث   . 
( يز ) قال محمد بن الحسن    : كنت نائما ذات ليلة ، فإذا أنا بالباب يدق ويقرع ، فقلت : انظروا من ذاك ؟ فقالوا : رسول الخليفة يدعوك فخفت على روحي فقمت ومضيت إليه ، فلما دخلت عليه قال : دعوتك في مسألة : إن أم محمد - يعني زبيدة    - قلت لها أنا الإمام العدل ، والإمام العدل في الجنة ، فقالت لي : إنك ظالم عاص فقد شهدت لنفسك بالجنة فكفرت بكذبك على الله ، وحرمت عليك ، فقلت له يا أمير المؤمنين إذا وقعت في معصية هل تخاف الله في تلك الحالة أو بعدها ؟ فقال : إي والله أخاف خوفا شديدا ، فقلت : أنا أشهد أن لك جنتين ، لا جنة واحدة قال تعالى : ( ولمن خاف مقام ربه جنتان     ) [الرحمن : 46] فلاطفني وأمرني بالانصراف فلما رجعت إلى داري رأيت البدر متبادرة إلي   . 
(يح) يحكى أن أبا يوسف  أتاه ذات ليلة رسول الرشيد  يستعجله ، فخاف أبو يوسف  على نفسه ، فلبس إزاره ومشى خائفا إلى دار الخليفة ، فلما دخل عليه سلم فرد عليه الجواب وأدناه ، فعند ذلك هدأ روعه ، قال الرشيد    : إن حليا لنا فقد من الدار فاتهمت فيه جارية من جواري الدار الخاصة ، فحلفت لتصدقيني أو لأقتلنك  وقد ندمت فاطلب لي وجها ، فقال أبو يوسف    : فأذن لي في الدخول عليها ، فأذن له فرأى جارية كأنها فلقة قمر ، فأخلى المجلس ، ثم قال لها : أمعك الحلي ؟ فقالت : لا والله ، فقال لها : احفظي ما أقول لك ولا تزيدي عليه ولا تنقصي عنه إذا دعاك الخليفة وقال لك : أسرقت الحلي ؟ فقولي : نعم ، فإذا قال لك : فهاتها فقولي ما سرقتها ، ثم خرج أبو يوسف  إلى مجلس الرشيد  وأمر بإحضار الجارية فحضرت ، فقال للخليفة : سلها عن الحلي ، فقال لها الخليفة : أسرقت الحلي ؟ قالت : نعم ، قال لها : فهاتها ، قالت : لم أسرقها والله ، قال أبو يوسف    : قد صدقت يا أمير المؤمنين في الإقرار ، أو الإنكار وخرجت من اليمين ، فسكن غضب الرشيد  وأمر أن يحمل إلى دار أبي يوسف  مائة ألف درهم ، فقالوا : إن الخزان غيب فلو أخرنا ذلك إلى الغد ، فقال : إن القاضي أعتقنا الليلة فلا نؤخر صلته إلى الغد ، فأمر حتى حمل عشر بدر مع أبي يوسف  إلى منزله   . 
" يط " قال  بشر المريسي   للشافعي    : كيف تدعي انعقاد الإجماع مع أن أهل المشرق والمغرب لا يمكن معرفة وجود إجماعهم على الشيء الواحد  ؟ وكانت هذه المناظرة عند الرشيد  ، فقال  الشافعي    : هل تعرف إجماع الناس على خلافة هذا الجالس ؟ فأقر به خوفا وانقطع   . 
" ك " أعرابي قصد الحسين بن علي  رضي الله عنهما ، فسلم عليه وسأله حاجة وقال : سمعت جدك يقول : إذا سألتم حاجة فاسألوها من أحد أربعة : إما عربي شريف ، أو مولى كريم ، أو حامل القرآن   [ ص: 182 ] أو صاحب وجه صبيح فأما العرب فشرفت بجدك ، وأما الكرم فدأبكم وسيرتكم ، وأما القرآن ففي بيوتكم نزل ، وأما الوجه الصبيح فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إذا أردتم أن تنظروا إلي فانظروا إلى الحسن  والحسين   ، فقال الحسين    : سمعت أبي عليا  يقول : قيمة كل امرئ ما يحسنه ، وسمعت جدي يقول : المعروف بقدر المعرفة ، فأسألك عن ثلاث مسائل إن أحسنت في جواب واحدة فلك ثلث ما عندي ، وإن أجبت عن اثنتين فلك ثلثا ما عندي ، وإن أجبت عن الثلاث فلك كل ما عندي وقد حمل إلي صرة مختومة من العراق  فقال : سل ولا حول ولا قوة إلا بالله فقال : أي الأعمال أفضل  ؟ قال الأعرابي : الإيمان بالله ، قال : فما نجاة العبد من الهلكة ؟ قال : الثقة بالله  ، قال : فما يزين المرء ؟ قال : علم معه حلم قال : فإن أخطأه ذلك ؟ قال : فمال معه كرم ، قال : فإن أخطأه ذلك ؟ قال : ففقر معه صبر قال : فإن أخطأه ذلك قال : فصاعقة تنزل من السماء فتحرقه ، فضحك الحسين  ورمى بالصرة إليه   . 
				
						
						
