ثم قال تعالى : ( وأتممت عليكم نعمتي    ) ومعنى أتممت عليكم نعمتي  بإكمال أمر الدين والشريعة كأنه قال : اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي بسبب ذلك الإكمال لأنه لا نعمة أتم من نعمة الإسلام . 
واعلم أن هذه الآية أيضا دالة على أن خالق الإيمان هو الله تعالى  ، وذلك لأنا نقول : الدين الذي هو الإسلام نعمة ، وكل نعمة فمن الله ، فيلزم أن يكون دين الإسلام من الله . 
إنما قلنا : إن الإسلام نعمة لوجهين    : 
. الأول : الكلمة المشهورة على لسان الأمة وهي قولهم : الحمد لله على نعمة الإسلام . 
 [ ص: 111 ] 
والوجه الثاني : أنه تعالى قال في هذه الآية ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي    ) ذكر لفظ النعمة مبهمة ، والظاهر أن المراد بهذه النعمة ما تقدم ذكره وهو الدين . 
فإن قيل : لم لا يجوز أن يكون المراد بإتمام النعمة جعلهم قاهرين لأعدائهم  ، أو المراد به جعل هذا الشرع بحيث لا يتطرق إليه نسخ . 
قلنا : أما الأول فقد عرف بقوله : ( اليوم يئس الذين كفروا من دينكم    ) فحمل هذه الآية عليه أيضا يكون تكريرا . 
وأما الثاني فلأن إبقاء هذا الدين لما كان إتماما للنعمة وجب أن يكون أصل هذا الدين نعمة لا محالة ، فثبت أن دين الإسلام نعمة    . 
وإذا ثبت هذا فنقول : كل نعمة فهي من الله تعالى ، والدليل عليه قوله تعالى : ( وما بكم من نعمة فمن الله    ) [ النحل : 53 ] وإذا ثبت هاتان المقدمتان لزم القطع بأن دين الإسلام إنما حصل بتخليق الله تعالى وتكوينه وإيجاده    . 
				
						
						
