قال الشيخ رحمه الله : فكيف ينسب إلى التصوف من إذا عورض في حقيقة معرفة الله عز وجل كل عنها وخلط فيها ، وإذا طولب بموجب الطاعة فيها جهلها وتخبط فيها ، وإذا امتحن بمحنة يجب الصبر عليها وعنها جزع وعجز . 
وسادة علماء المتصوفة تكلمت في التصوف وأجابت عن حدوده ومعانيه   [ ص: 22 ] وأقسامه ومبانيه . 
فقد كتب لي جعفر بن محمد بن نصير الخواص  ، قال : وحدثني عنه ازديار بن سليمان الفارسي  ، قال : سمعت  الجنيد بن محمد  رحمة الله عليه يقول ، وسئل عن التصوف  فقال : اسم جامع لعشرة معاني ؛ التقلل من كل شيء من الدنيا عن التكاثر فيها ، والثاني : اعتماد القلب على الله عز وجل من السكون إلى الأسباب ، والثالث : الرغبة في الطاعات من التطوع في وجود العوافي ، والرابع : الصبر عن فقد الدنيا عن الخروج إلى المسألة والشكوى ، والخامس : التمييز في الأخذ عند وجود الشيء ، والسادس : الشغل بالله عز وجل عن سائر الأشغال ، والسابع : الذكر الخفي عن جميع الأذكار ، والثامن : تحقيق الإخلاص في دخول الوسوسة ، والتاسع : اليقين في دخول الشك ، والعاشر : السكون إلى الله عز وجل من الاضطراب والوحشة ، فإذا استجمع هذه الخصال استحق بها الاسم ، وإلا فهو كاذب   . 
حدثنا محمد بن أحمد بن يعقوب  ، ثنا عبد الله بن محمد بن ميمون  ، قال : سألت  ذا النون  رحمة الله عليه عن الصوفي . فقال : من إذا نطق أبان نطقه عن الحقائق  ، وإن سكت نطقت عنه الجوارح بقطع العلائق   . 
حدثنا أبو محمد ازديار بن سليمان  ، ثنا جعفر بن محمد  ، قال : قال أبو الحسن المزين    : التصوف قميص قمصه الله أقواما  ، فإن ألهموا عليه الشكر ، وإلا كان خصمهم في ذلك الله عز وجل   . 
وسئل الخواص  عن التصوف . فقال : اسم يغطى به عن الناس إلا أهل الدراية وقليل ما هم    . 
سمعت  أبا الفضل نصر بن أبي نصر الطوسي  يقول : سمعت أبا بكر بن المثاقف  يقول : سألت  الجنيد بن محمد  عن التصوف فقال : الخروج عن كل خلق دني ، والدخول في كل خلق سني    . 
وسمعت أبا الفضل الطوسي  يقول : سمعت أبا الحسن الفرغاني  يقول : سألت  أبا بكر الشبلي    : ما علامة العارف  ؟ فقال : صدره مشروح ، وقلبه مجروح ، وجسمه مطروح . قلت : هذا علامة العارف فمن العارف ؟ قال : العارف الذي عرف الله عز وجل ، وعرف مراد الله عز وجل ، وعمل بما أمر الله ، وأعرض عما نهى عنه الله ، ودعا عباد الله إلى الله عز وجل . فقلت : هذا العارف فمن الصوفي ؟   [ ص: 23 ] فقال : من صفا قلبه فصفى ، وسلك طريق المصطفى - صلى الله عليه وسلم - ورمى الدنيا خلف القفا ، وأذاق الهوى طعم الجفا ، قلت له : هذا الصوفي ، ما التصوف ؟ قال : التألف والتطرف ، والإعراض عن التكلف . قلت له : أحسن من هذا ما التصوف  ؟ قال : تسليم تصفية القلوب لعلام الغيوب . فقلت له : أحسن من هذا ما التصوف ؟ فقال : تعظيم أمر الله ، وشفقته على عباد الله . فقلت له : أحسن من هذا من الصوفي  ؟ قال : من صفا من الكدر ، وخلص من العكر ، وامتلأ من الفكر ، وتساوى عنده الذهب والمدر   . 
وسمعت أبا الفضل نصر بن أبي نصر  يقول : سمعت علي بن محمد المصري  يقول : سئل  السري السقطي  عن التصوف ، فقال : التصوف خلق كريم ، يخرجه الكريم إلى قوم كرام    . 
سمعت أبا همام عبد الرحمن بن مجيب الصوفي  وسئل عن الصوفي فقال : لنفسه ذابح ، ولهواه فاضح  ، ولعدوه جارح ، وللخلق ناصح . دائم الوجل ، يحكم العمل ، ويبعد الأمل ويسد الخلل ، ويغضي على الذلل ، عذره بضاعة ، وحزنه صناعة ، وعيشه قناعة ، بالحق عارف ، وعلى الباب عاكف ، وعن الكل عازف . تربية بره ، وشجرة وده ، وراعى عهده   . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					