حدثنا إبراهيم بن عبد الله بن إسحاق السراج  ، قال : سمعت  إبراهيم بن بشار    - وهو خادم  إبراهيم بن أدهم    - يقول : قلت : " يا أبا إسحاق  ، كيف كان أوائل أمرك حتى صرت إلى ما صرت إليه ؟ قال : غير ذا أولى بك ، فقلت له : هو كما تقول رحمك الله ، ولكن أخبرني لعل الله أن ينفعنا به يوما ، فسألته الثانية فقال : ويحك اشتغل بالله ، فسألته الثالثة فقلت : يا أبا إسحاق  ، إن رأيت ، قال : كان أبي من أهل بلخ  ، وكان من ملوك خراسان  ، وكان من المياسر ، وحبب إلينا الصيد ، فخرجت راكبا فرسي ، وكلبي معي ، فبينما أنا كذلك فثار أرنب أو ثعلب ، فحركت فرسي ، فسمعت نداء من ورائي : ليس لذا خلقت ، ولا بذا أمرت ، فوقفت أنظر يمنة ويسرة فلم أر أحدا ، فقلت : لعن الله إبليس ، ثم حركت فرسي ، فأسمع نداء أجهر من ذلك : يا إبراهيم  ، ليس لذا خلقت ، ولا بذا أمرت ، فوقفت أنظر يمنة ويسرة فلا أرى أحدا ، فقلت : لعن الله إبليس ، ثم حركت فرسي ، فأسمع نداء من قربوس سرجي : يا إبراهيم  ، ما لذا خلقت ، ولا بذا أمرت ، فوقفت فقلت : أنبهت ، أنبهت ، جاءني نذير من رب العالمين ، والله لا عصيت الله بعد يومي ذا ما عصمني ربي ، فرجعت إلى أهلي فخليت عن فرسي ، ثم جئت إلى رعاة لأبي ، فأخذت منهم جبة ، وكساء ، وألقيت ثيابي إليه ، ثم أقبلت إلى العراق  ، أرض ترفعني ، وأرض تضعني ، حتى وصلت إلى العراق  ، فعملت بها أياما ، فلم يصف لي منها شيء من الحلال  ، فسألت بعض المشايخ عن الحلال ، فقالوا لي : إذا أردت الحلال فعليك ببلاد الشام  ، فصرت إلى بلاد الشام  ، فصرت إلى مدينة يقال لها المنصورة    - وهي المصيصة    - فعملت بها أياما ، فلم يصف لي شيء من الحلال ، فسألت بعض المشايخ فقالوا لي : إن أردت الحلال الصافي فعليك بطرسوس  ، فإن فيها المباحات والعمل الكثير ، فتوجهت إلى طرسوس  ، فعملت بها أياما أنظر البساتين ، وأحصد الحصاد ، فبينا أنا قاعد على باب البحر إذ جاءني رجل فاكتراني أنظر له بستانه ، فكنت في بساتين كثيرة ، فإذا أنا بخادم قد أقبل ومعه أصحابه ، فقعد في مجلسه ثم صاح : يا ناظور ، فقلت : هو ذا أنا ، قال : اذهب فأتنا بأكبر رمان تقدر عليه   [ ص: 369 ] وأطيبه ، فذهبت فأتيته بأكبر رمان ، فأخذ الخادم رمانة فكسرها فوجدها حامضة ، فقال لي : يا ناظور أنت في بستاننا منذ كذا ، تأكل فاكهتنا ، وتأكل رماننا لا تعرف الحلو من الحامض ؟ قال إبراهيم    : قلت : والله ما أكلت من فاكهتكم شيئا  ، وما أعرف الحلو من الحامض ، فأشار الخادم إلى أصحابه ، فقال : أما تسمعون كلام هذا ؟ ثم قال : أتراك لو أنك  إبراهيم بن أدهم  ما زاد على هذا ، فانصرف ، فلما كان من الغد ذكر صفتي في المسجد ، فعرفني بعض الناس ، فجاء الخادم ومعه عنق من الناس ، فلما رأيته قد أقبل مع أصحابه اختفيت خلف الشجر ، والناس داخلون ، فاختلطت معهم وهم داخلون وأنا هارب ، فهذا كان أوائل أمري وخروجي من طرسوس  إلى بلاد الرمال "   . 
وروى يونس بن سليمان البلخي  ، عن  إبراهيم بن أدهم  ، وزاد في هذه القصة : " إذا هو على فرسه يركضه ، إذ سمع صوتا من فوقه : يا إبراهيم  ، ما هذا العبث ( أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون    ) اتق الله ، وعليك بالزاد ليوم الفاقة  ، فنزل عن دابته ، ورفض الدنيا ، وأخذ في عمل الآخرة " حدثته عن عبد الله بن الحارث  ، عن إسماعيل بن بشر البلخي  ، عن عبد الله بن محمد العابد  ، عن يونس بن سليمان    . 
حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر  ، ثنا علي بن الصباح  ، ثنا عبد الله بن أحمد بن إبراهيم  ، ثنا المسيب  ، ثنا  عبد الله بن المبارك  ، قال : " خرجت أنا  وإبراهيم بن أدهم  ، من خراسان  ونحن ستون فتى نطلب العلم ما منهم آخذ غيري    "   . 
حدثنا عبد الله بن محمد  ، ومحمد بن إبراهيم  ، قالا : أخبرنا أبو يعلى  ، ثنا عبد الصمد بن يزيد  ، قال : سمعت  شقيقا البلخي  ، يقول : " لقيت  إبراهيم بن أدهم  ، في بلاد الشام  ، فقلت : يا إبراهيم تركت خراسان  ؟ فقال : ما تهنيت بالعيش إلا في بلاد الشام  ، أفر بديني من شاهق إلى شاهق ، ومن جبل إلى جبل ، فمن يراني يقول : موسوس ، ومن يراني يقول : هو حمال ثم قال لي : يا شقيق  ، لم ينبل عندنا من نبل بالحج ولا بالجهاد ، وإنما نبل عندنا من نبل من كان يعقل ما يدخل جوفه - يعني الرغيفين - من حله ، ثم قال : يا شقيق  ، ماذا أنعم الله على الفقراء لا يسألهم يوم القيامة ، لا عن زكاة ، ولا عن حج ، ولا عن جهاد ، ولا عن صلة رحم   [ ص: 370 ] إنما يسأل هؤلاء المساكين - يعني الأغنياء " 
حدثنا أبي ، وأبو محمد بن حيان  ، قالا : ثنا إبراهيم بن متويه  ، ثنا أبو موسى الصوري  ، ثنا عبد الصمد بن يزيد  مثله . 
أخبرني جعفر بن محمد بن نصير    - في كتابه - وحدثني عنه محمد بن إبراهيم بن أحمد  ، ثنا إبراهيم بن نصر المنصوري    - مولى منصور بن المهدي    - حدثني إبراهيم بن بشار الصوفي الخراساني    - خادم  إبراهيم بن أدهم    - قال : " أمسينا مع  إبراهيم بن أدهم  ذات ليلة وليس معنا شيء نفطر عليه ، ولا بنا حيلة ، فرآني مغتما حزينا ، فقال : يا  إبراهيم بن بشار  ، ماذا أنعم الله تعالى على الفقراء والمساكين من النعيم والراحة في الدنيا والآخرة ؟ لا يسألهم الله يوم القيامة عن زكاة ، ولا عن حج ، ولا عن صدقة ، ولا عن صلة رحم ، ولا عن مواساة ، وإنما يسأل ويحاسب عن هذا هؤلاء المساكين ، أغنياء في الدنيا ، فقراء في الآخرة ، أعزة في الدنيا ، أذلة يوم القيامة " ، لا تغتم ولا تحزن ، فرزق الله مضمون  سيأتيك ، نحن والله الملوك والأغنياء ، نحن الذين قد تعجلنا الراحة في الدنيا ، لا نبالي على أي حال أصبحنا وأمسينا إذا أطعنا الله عز وجل ، ثم قام إلى صلاته وقمت إلى صلاتي ، فما لبثنا إلا ساعة إذا نحن برجل قد جاء بثمانية أرغفة وتمر كثير ، فوضعه بين أيدينا وقال : كلوا رحمكم الله قال : فسلم ، وقال : كل يا مغموم فدخل سائل فقال : أطعموني شيئا ، فأخذ ثلاثة أرغفة مع تمر ، فدفعه إليه وأعطاني ثلاثة وأكل رغيفين وقال : المواساة من أخلاق المؤمنين    "   . 
				
						
						
