[ ص: 161 ] درجات القيام بالإنكار    : 
الأولى : التعريف ، أي تعريف المزجور أن ما يفعله منكر  ؛ فإنه قد يقدم عليه بجهله ، فلعله إذا عرف أنه منكر تركه ، فيجب تعريفه باللطف من غير عنف ، فإن في التعريف كشفا للعورة وإيذاء للقلب ، فلا بد وأن يعالج دفع أذاه بلطف الرفق فتقول له : إن الإنسان لا يولد عالما ولقد كنا جاهلين فعلمنا العلماء ، فالصواب هو كذا وكذا . فيتلطف به هكذا ليصل التعريف من غير إيذاء ، فإن إيذاء المسلم  حرام محذور ، كما أن تقريره على المنكر محظور ، وليس من العقلاء من يغسل الدم بالدم أو بالبول ، ومن آذى بالإنكار فهذا مثاله . 
الدرجة الثانية : النهي بالوعظ والنصح والتخويف بالله تعالى  ، وذلك فيمن يقدم على الأمر وهو عالم بكونه منكرا ، كالذي يواظب على الشرب أو على الظلم أو على اغتياب المسلمين أو ما يجري مجراه ، فينبغي أن يوعظ ويخوف بالله تعالى ، وتورد عليه الأخبار الواردة بالوعيد في ذلك ، وتحكى له سيرة السلف وعبادة المتقين ، وكل ذلك بشفقة ولطف من غير عنف وغضب بل ينظر إليه نظر المترحم عليه . 
الدرجة الثالثة : التعنيف بالقول الغليظ  وذلك عند العجز عن المنع باللطف وظهور مبادئ الإصرار والاستهزاء بالوعظ والنصح ، وذلك مثل قول " إبراهيم    " عليه السلام : ( أف لكم ولما تعبدون من دون الله أفلا تعقلون    ) [ الأنبياء : 67 ] ولا يفحش في سبه . ولهذه الرتبة أدبان : 
أحدهما : أن لا يقدم عليها إلا عند الضرورة والعجز عن اللطف . 
والثاني : أن لا ينطق إلا بالصدق ولا يسترسل فيه فيطيل لسانه بما لا يحتاج إليه ، بل يقتصر على قدر الحاجة . 
الدرجة الرابعة : التغيير باليد  وذلك كإراقة الخمر وإتلاف المنكر المتمول أو دفعه عن محرم . وليس إلى آحاد الرعية إلا الدفع ، وأما الإراقة والإتلاف فإلى الولاة ومأذونيهم كالضرب والحبس . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					