فصل 
وقد تقدم ذكر وفد بني تميم ووفد طيئ   . 
ذكر وفد بني عامر  ، ودعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - على عامر بن الطفيل  ، وكفاية الله شره وشر أربد بن قيس  بعد أن عصم منهما نبيه . 
روينا في كتاب " الدلائل "  للبيهقي  ، عن  يزيد بن عبد الله أبي العلاء  قال : وفد أبي في وفد بني عامر  إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا : أنت سيدنا ، وذو الطول علينا ، فقال : ( مه مه ، قولوا بقولكم ، ولا يستجرينكم الشيطان ، السيد الله ) 
 [ ص: 528 ] روينا عن  ابن إسحاق  ، قال لما قدم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفد بني عامر  فيهم عامر بن الطفيل  ، وأربد بن قيس بن جزء بن خالد بن جعفر  ، وجبار بن سلمى بن مالك بن جعفر  ، وكان هؤلاء النفر رؤساء القوم وشياطينهم : ( فقدم عدو الله عامر بن الطفيل  على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يريد الغدر به ، فقال له قومه : يا عامر   ! إن الناس قد أسلموا ، فقال : والله لقد كنت آليت ألا أنتهي حتى تتبع العرب عقبي ، وأنا أتبع عقب هذا الفتى من قريش   ! ثم قال لأربد   : إذا قدمنا على الرجل ، فإني شاغل عنك وجهه ، فإذا فعلت ذلك ، فاعله بالسيف . 
فلما قدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال عامر   : يا محمد   ! خالني . قال : " لا والله حتى تؤمن بالله وحده " . قال : يا محمد   ! خالني . قال : " حتى تؤمن بالله وحده لا شريك له " ، فلما أبى عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال له : أما والله لأملأنها عليك خيلا ورجالا . فلما ولى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اللهم اكفني عامر بن الطفيل   " ، فلما خرجوا من عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال عامر  لأربد   : ويحك يا أربد  ، أين ما كنت أمرتك به ؟ والله ما كان على وجه الأرض أخوف عندي على نفسي منك ، وايم الله لا أخافك بعد اليوم أبدا . قال : لا أبا لك ، لا تعجل علي ، فوالله ما هممت بالذي أمرتني به ، إلا دخلت بيني وبين الرجل ، أفأضربك بالسيف ؟  ) . 
ثم خرجوا راجعين إلى بلادهم ، حتى إذا كانوا ببعض الطريق بعث الله على عامر بن الطفيل  الطاعون في عنقه ، فقتله الله في بيت امرأة من بني سلول  ، ثم  [ ص: 529 ] خرج أصحابه حين رأوه حتى قدموا أرض بني عامر  ، أتاهم قومهم فقالوا : ما وراءك يا أربد  ؟ فقال : لقد دعاني إلى عبادة شيء لوددت أنه عندي فأرميه بنبلي هذه حتى أقتله ، فخرج بعد مقالته بيوم أو بيومين معه جمل يتبعه ، فأرسل الله عليه وعلى جمله صاعقة فأحرقتهما ، وكان أربد  أخا لبيد بن ربيعة  لأمه ، فبكى ورثاه . 
وفي " صحيح  البخاري   " أن ( عامر بن الطفيل  أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : أخيرك بين ثلاث خصال : يكون لك أهل السهل ، ولي أهل المدر ، أو أكون خليفتك من بعدك ، أو أغزوك بغطفان  بألف أشقر وألف شقراء ، فطعن في بيت امرأة ، فقال : أغدة كغدة البكر في بيت امرأة من بني فلان ائتوني بفرسي ، فركب فمات على ظهر فرسه  ) 
				
						
						
