فصل 
ولنرجع إلى سياق حجته صلى الله عليه وسلم  
( ولبد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأسه بالغسل  ) ، وهو بالغين المعجمة على وزن كفل  [ ص: 149 ] وهو ما يغسل به الرأس من خطمي ونحوه يلبد به الشعر حتى لا ينتشر ، وأهل في مصلاه ، ثم ركب على ناقته ، وأهل أيضا ، ثم أهل لما استقلت به على البيداء . قال  ابن عباس   : وايم الله لقد أوجب في مصلاه ، وأهل حين استقلت به ناقته ، وأهل حين علا على شرف البيداء . 
وكان يهل بالحج والعمرة تارة ، وبالحج تارة ؛ لأن العمرة جزء منه ، فمن ثم قيل : قرن ، وقيل : تمتع ، وقيل : أفرد . قال  ابن حزم   : كان ذلك قبل الظهر بيسير ، وهذا وهم منه ، والمحفوظ أنه إنما أهل بعد صلاة الظهر ، ولم يقل أحد قط : إن إحرامه كان قبل الظهر ، ولا أدري من أين له هذا . وقد قال  ابن عمر   : ( ما أهل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا من عند الشجرة حين قام به بعيره  ) ، وقد قال أنس   : إنه صلى الظهر ، ثم ركب ) ، والحديثان في " الصحيح " . 
فإذا جمعت أحدهما إلى الآخر تبين أنه إنما أهل بعد صلاة الظهر ، ثم لبى فقال : ( لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك ، لا شريك لك  ) ، ورفع صوته بهذه التلبية حتى سمعها أصحابه ، وأمرهم  [ ص: 150 ] بأمر الله له أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية . 
وكان حجه على رحل ، لا في محمل ، ولا هودج ولا عمارية ، وزاملته تحته . وقد اختلف في جواز ركوب المحرم في المحمل ، والهودج والعمارية ونحوها على قولين ، هما روايتان عن أحمد ، أحدهما : الجواز وهو مذهب  الشافعي   وأبي حنيفة   . والثاني : المنع وهو مذهب مالك   . 
				
						
						
