( فصل ) : 
وأما صلاة الجنازة فالكلام في الجنائز يقع في الأصل في ستة مواضع : أحدها في غسل الميت ، والثاني في تكفينه ، والثالث في حمل جنازته ، والرابع في الصلاة عليه ، والخامس في دفنه ، والسادس في الشهيد وقبل أن نشتغل ببيان ذلك نبدأ بما يستحب أن يفعل بالمريض المحتضر وما يفعل بعد موته إلى أن يغسل  فنقول : إذا احتضر الإنسان فالمستحب أن يوجه إلى القبلة على شقه الأيمن ، كما يوجه في القبر ; لأنه قرب موته فيضجع كما يضجع الميت في اللحد ، ويلقن كلمة الشهادة لقول النبي صلى الله عليه وسلم { لقنوا موتاكم لا إله إلا الله   } والمراد من الميت المحتضر ; لأنه قرب موته فسمي ميتا لقربه من الموت ، قال الله تعالى { إنك ميت وإنهم ميتون    } . 
وإذا قضى نحبه تغمض عيناه ، ويشد لحياه    ; لأنه لو ترك كذلك لصار كريه المنظر في نظر الناس كالمثلة ، وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم { أنه دخل على  أبي سلمة  ، وقد شق بصره فغمضه   } ولا بأس بإعلام الناس بموته من أقربائه وأصدقائه وجيرانه  ليؤدوا حقه بالصلاة عليه ، والدعاء والتشييع ، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم { أنه قال في المسكينة التي كانت في ناحية المدينة  إذا ماتت فآذنوني   } ; ولأن في الإعلام تحريضا على الطاعة وحثا على الاستعداد لها فيكون من باب الإعانة على البر والتقوى ، والتسبب إلى الخير والدلالة عليه ، وقد قال الله تعالى { وتعاونوا على البر والتقوى    } وقال النبي صلى الله عليه وسلم { الدال على الخير كفاعله   } إلا أنه يكره النداء في الأسواق والمحال    ; لأن ذلك يشبه عزاء أهل الجاهلية . 
ويستحب أن يسرع في جهازه  لما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : { عجلوا بموتاكم فإن يك خيرا قدمتموه إليه ، وإن يك شرا فبعدا لأهل النار   } ندب النبي صلى الله عليه وسلم إلى التعجيل ونبه على المعنى فيبدأ بغسله . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					