وكذلك الوطء في دار الحرب ، وفي دار البغي لا يوجب الحد ، حتى إن من زنى في دار الحرب أو دار البغي ثم خرج إلينا  لا يقام عليه الحد ; لأن الزنا لم ينعقد سببا لوجوب الحد حين وجوده ; لعدم الولاية فلا يستوفى بعد ذلك ، وكذلك الحربي المستأمن إذا زنى بمسلمة أو ذمية أو ، ذمي زنى بحربية مستأمنة لا حد على الحربي والحربية عندهما ، وعند  أبي يوسف  يحدان . 
وجه قوله أنه لما دخل دار الإسلام فقد التزم أحكام الإسلام مدة إقامته فيها فصار كالذمي ; ولهذا يقام عليه حد القذف كما يقام على الذمي ; ولهما أنه لم يدخل دار الإسلام على سبيل الإقامة والتوطن بل على سبيل العارية ; ليعاملنا ونعامله ، ثم يعود فلم يكن دخوله دار الإسلام دلالة التزامه حق الله - سبحانه وتعالى - خالصا ، بخلاف حد القذف ; لأنه لما طلب الأمان من المسلمين فقد  [ ص: 35 ] التزم أمانهم عن الإيذاء بنفسه وظهر حكم الإسلام في حقه ، ثم يحد المسلمة والذمية عند  أبي حنيفة    - رحمه الله - وعند  محمد    - رحمه الله - لا يحد ، ويحد الذمي بلا خلاف . 
( وجه ) قول  محمد    - رحمه الله - أن الأصل فعل الرجل ، وفعلها يقع تبعا فلما لم يجب على الأصل لا يجب على التبع كالمطاوعة للصبي والمجنون . 
( وجه ) قول  أبي حنيفة    - رحمه الله - أن فعل الحربي حرام محض ، ألا ترى أنه يؤاخذ فكان زنا فكانت هي مزنيا بها ، إلا أن الحد لم يجب على الرجل ; لعدم التزامه أحكامنا ، وهذا أمر يخصه ، ويحد الذمي ; لأنه بالذمة والعهد التزم أحكام الإسلام مطلقا إلا في قدر ما وقع الاستثناء فيه ولم يوجد ههنا . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					