ثم ، ولي اليتيم هل يأكل من مال اليتيم ؟  فنقول : لا خلاف في أنه إذا كان غنيا لا يأكل لقوله تعالى { ، ومن كان غنيا فليستعفف    } فأما إذا كان فقيرا فهل له أن يأكل على سبيل الإباحة أو ليس له أن يأكل إلا قرضا ؟ اختلف فيه الصحابة رضي الله عنهم روي عن  عبد الله بن عباس  رضي الله عنهما أن له أن يأكل على سبيل الإباحة لكن بالمعروف من غير إسراف ، وهو قول سيدتنا عائشة  رضي الله عنها وروي عن سيدنا  عمر  رضي الله عنه أنه يأكل قرضا فإذا أيسر قضى ، وهو إحدى الروايتين عن  ابن عباس  رضي الله عنهما احتج هؤلاء بقوله - تعالى - { فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم    } أمر سبحانه وتعالى - بالإشهاد على الأيتام عند دفع المال إليهم . 
ولو كان المال في أيدي الأولياء بطريق الأمانة لكان لا حاجة إلى الإشهاد ; لأن القول قول الولي إذا قال : دفعت المال إلى اليتيم عند إنكاره ، وإنما الحاجة إلى الإشهاد عند الأخذ قرضا ليأكل منه ; لأن في قضاء الدين القول قول صاحب الدين لا قول من يقضي الدين ، وعن  سعيد بن جبير  رضي الله عنه أنه فسر قوله - عز وجل - { ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف    } قال : قرضا احتج الأولون بظاهر قوله - عز شأنه - { ومن كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف    } أطلق الله - عز شأنه - لولي اليتيم أن يأكل من مال اليتيم بالمعروف ، وهو الوسط من غير إسراف . 
وروي { أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ليس لي مال ، ولي يتيم فقال عليه الصلاة والسلام : كل من مال يتيمك  [ ص: 155 ] غير مسرف ولا متأثل مالك بماله   } وذكر  محمد   ومالك  في الموطإ أن الأفضل هو الاستعفاف من ماله ; لما روي أن رجلا أتى  عبد الله بن مسعود  رضي الله عنه فقال له : أوصي إلي يتيم فقال  عبد الله    : لا تشتر من ماله شيئا ، ولا تستقرض من ماله شيئا والله سبحانه وتعالى أعلم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					