( ومنها ) ما يخرج من أبدان سائر الحيوانات  من البهائم من الأبوال والأرواث على الاتفاق والاختلاف ، ( أما ) الأبوال فلا خلاف في أن بول كل ما لا يؤكل لحمه  نجس ، واختلف في بول ما يؤكل لحمه  قال  أبو حنيفة   وأبو يوسف  نجس . 
وقال  محمد  طاهر حتى لو وقع في الماء القليل لا يفسده ، ويتوضأ منه ما لم يغلب عليه ، ( واحتج ) بما روي عن { النبي صلى الله عليه وسلم أنه أباح للعرنيين  شرب أبوال إبل الصدقة وألبانها   } مع قوله صلى الله عليه وسلم { إن الله تعالى لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم   } وقوله : { ليس في الرجس شفاء   } فثبت أنه طاهر ( ولهما ) حديث  عمار    { إنما يغسل الثوب من خمس ،   } وذكر من جملتها البول مطلقا من غير فصل وما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { استنزهوا من البول فإن عامة عذاب القبر منه   } من غير فصل وقوله تعالى { ويحرم عليهم الخبائث    } ومعلوم أن الطباع السليمة تستخبثه ، وتحريم الشيء - لا لاحترامه وكرامته - تنجيس له شرعا ; ولأن معنى النجاسة فيه موجود وهو الاستقذار الطبيعي لاستحالته إلى فساد وهي الرائحة المنتنة ، فصار كروثة وكبول ما لا يؤكل لحمه . 
وأما الحديث فقد ذكر  قتادة  أن { النبي صلى الله عليه وسلم أمر بشرب ألبانها دون أبوالها ،   } فلا يصح التعلق به ، على أنه يحتمل أن النبي صلى الله عليه وسلم عرف بطريق الوحي شفاءهم فيه ، والاستشفاء بالحرام جائز عند التيقن لحصول الشفاء فيه ، كتناول الميتة عند المخمصة ، والخمر عند العطش ، وإساغة اللقمة وإنما لا يباح بما لا يستيقن حصول الشفاء به ، ثم عند  أبي يوسف  يباح شربه للتداوي لحديث  [ ص: 62 ] العرنيين ، وعند  أبي حنيفة  لا يباح ; لأن الاستشفاء بالحرام الذي لا يتيقن حصول الشفاء به  حرام ، وكذا بما لا يعقل فيه الشفاء ولا شفاء فيه عند الأطباء ، والحديث محمول على أنه صلى الله عليه وسلم عرف شفاء أولئك فيه على الخصوص والله أعلم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					