فصل المعرفة  
قال صاحب المنازل : ( باب المعرفة ) قال الله تعالى :  وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق   المعرفة : إحاطة بعين الشيء كما هو      .  
قلت : وقع في القرآن لفظ المعرفة ولفظ العلم ، فلفظ المعرفة كقوله :  مما عرفوا من الحق   ، وقوله :  الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم      .  
 [ ص: 313 ] وأما لفظ العلم فهو أوسع إطلاقا ، كقوله :  فاعلم أنه لا إله إلا الله   ، وقوله :  شهد الله أنه لا إله إلا هو   الآية ، وقوله :  والذين آتيناهم الكتاب يعلمون أنه منزل من ربك بالحق   ، وقوله :  وقل رب زدني علما   ، وقوله :  أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى   ، وقوله :  قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون   ، وقوله :  وقال الذين أوتوا العلم والإيمان لقد لبثتم في كتاب الله إلى يوم البعث   ، وقوله :  وقال الذين أوتوا العلم ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحا   ، وقوله :  وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون   ، وقوله :  قال الذي عنده علم من الكتاب   ، وقوله :  اعلموا أن الله يحيي الأرض بعد موتها   ، وقوله :  اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو   ، وقوله :  واتقوا الله واعلموا أنكم ملاقوه   ، وقوله :  فاعلموا أنما أنزل بعلم الله   وهذا كثير .  
واختار سبحانه لنفسه اسم العلم   وما تصرف منه ، فوصف نفسه بأنه عالم ، وعليم ، وعلام ، وعلم ، ويعلم ، وأخبر أن له علما دون لفظ المعرفة في القرآن ، ومعلوم أن الاسم الذي اختاره الله لنفسه أكمل نوعه المشارك له في معناه .  
وإنما جاء لفظ المعرفة في القرآن في مؤمني  أهل الكتاب   خاصة ، كقوله :  ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون   إلى قوله  مما عرفوا من الحق   ، وقوله :  الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم      .  
 [ ص: 314 ] وهذه الطائفة ترجح المعرفة على العلم جدا ، وكثير منهم لا يرفع بالعلم رأسا ، ويعده قاطعا وحجابا دون المعرفة ، وأهل الاستقامة منهم : أشد الناس وصية للمريدين بالعلم ، وعندهم أنه لا يكون ولي لله كامل الولاية من غير أولي العلم أبدا ، فما اتخذ الله ولا يتخذ وليا جاهلا ، والجهل رأس كل بدعة وضلالة ونقص ، والعلم أصل كل خير وهدى وكمال .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					