فصل منزلة الرغبة  
ومن منازل : (  إياك نعبد وإياك نستعين      )  منزلة الرغبة      .  
قال الله عز وجل : (  يدعوننا رغبا ورهبا      ) .  والفرق بين الرغبة والرجاء   أن الرجاء طمع . والرغبة طلب . فهي ثمرة الرجاء . فإنه إذا رجا الشيء طلبه . والرغبة من الرجاء كالهرب من الخوف . فمن رجا شيئا طلبه ورغب فيه . ومن خاف شيئا هرب منه .  
والمقصود أن الراجي طالب ، والخائف هارب .  
قال صاحب " المنازل " :  
 [ ص: 56 ] الرغبة هي من الرجاء بالحقيقة ؛ لأن الرجاء طمع يحتاج إلى تحقيق والرغبة سلوك على التحقيق .  
أي الرغبة تتولد من الرجاء . لكنه طمع . وهي سلوك وطلب .  
وقوله : الرجاء طمع يحتاج إلى تحقيق أي طمع في مغيب عنه مشكوك في حصوله ، وإن كان متحققا في نفسه ، كرجاء العبد دخول الجنة . فإن الجنة متحققة لا شك فيها . وإنما الشك في دخوله إليها . وهل يوافي ربه بعمل يمنعه منها أم لا ؟ بخلاف الرغبة فإنها لا تكون إلا بعد تحقق ما يرغب فيه . فالإيمان في الرغبة أقوى منه في الرجاء . فلذلك قال : والرغبة سلوك على التحقيق .  
هذا معنى كلامه . وفيه نظر .  
فإن الرغبة أيضا طلب مغيب ، هو على شك من حصوله . فإن المؤمن يرغب في الجنة وليس بجازم بدخولها . فالفرق الصحيح أن الرجاء طمع والرغبة طلب . فإذا قوي الطمع صار طلبا .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					