( حدثنا   محمود ) أي : ابن غيلان  كما في نسخة ( حدثنا  أبو داود  حدثنا  شعبة  عن  يزيد الرشك     ) بكسر الراء وقد مر قريبا ( قال : سمعت   معاذة     ) بضم الميم ، وقد رواه  مسلم  أيضا عنها ( قالت : قلت  لعائشة  كان النبي ) وفي نسخة رسول الله ( - صلى الله عليه وسلم -  يصوم ثلاثة أيام من كل شهر   قالت : نعم قلت من أيه ) أي : من أي شهر يعني من أيامه ( كان يصوم قالت : كان لا يبالي ) أي : يستوي عنده أو كان يخير ( من أيه صام ) أي : من أوله أو وسطه أو آخره أو من أي يوم من أيامه في أثنائه صام ، ويوضحه ما ثبت في صحيح  مسلم  فقلت لها من أي الشهر كان يصوم قالت : لم يكن يبالي من أي أيام الشهر يصوم  ، فقوله من أيه أي أيامه ; لأن أي إذا أضيف إلى جمع معروف يكون السؤال عن تعيين بعض أفراده كأي الرجال جاء أي : أزيد أم خالد فلا حاجة لتقدير شارح مضافا بينها وبين الضمير .  
قال العلماء : ولعله - صلى الله عليه وسلم - لم يواظب على ثلاثة معينة لئلا يظن تعيينها وجوبا فإن أصل السنة تحصل بصوم أي ثلاثة من الشهر ، والأفضل  صوم أيام البيض   الثالث عشر ، وتالييه قال  ابن حجر     : ويسن صوم الثاني عشر      [ ص: 128 ] احتياطا ولم يظهر لي وجهه ويستحب صوم ثلاثة أيام من أول الشهر لما سبق من أنه كان يصوم ثلاثة من غرة كل شهر ، وكذا ثلاثة من آخره السابع والعشرين ، وتالييه وممن اختار صوم أيام البيض كثيرون من الصحابة والتابعين ، وروى   النسائي  عن   ابن عباس  كان - صلى الله عليه وسلم -  لا يفطر أيام البيض في حضر ، ولا سفر  قال  القاضي     : اختلفوا في تعيين هذه الثلاثة المستحبة في كل شهر ففسره جماعة من الصحابة والتابعين بأيام البيض ، وهي الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر منهم   عمر بن الخطاب   وابن مسعود  وأبو ذر  رضي الله عنهم واختار  النخعي  ، وآخرون ثلاثة في أوله منهم   الحسن البصري  واختارت  عائشة  وآخرون صيام السبت والأحد والاثنين من شهر ثم الثلاثاء ، والأربعاء والخميس من آخر ، وفي حديث رفعه   ابن عمر  أول اثنين في الشهر ، وخميسان  بعده   وأم سلمة  أول خميس ، والاثنين بعده ثم الاثنين ، وقيل أول يوم من الشهر ، والعاشر والعشرون ، وقيل أنه صام به   مالك بن أنس  وروي عنه كراهة صوم أيام البيض ، ولعله مخافة الوجوب على ما اقتضى أصله ، وقال   ابن شعبان المالكي  أول يوم من الشهر والحادي عشر والحادي والعشرون وعندي أنه يعمل في كل شهر بقول ، والباقي بقول الأكثر الأشهر ، وهو أيام البيض وإن قدر على الجمع بين الكل في كل شهر ، فهو أكمل ، وأفضل ( قال  أبو عيسى ) أي : المص ( يزيد الرشك هو يزيد الضبعي ) بضم المعجمة ، وفتح الموحدة بعدها مهملة أبو الأزهر البصري يعرف بالرشك  بكسر الراء ، وسكون الشين ثقة عابد مات سنة ثلاثين ومائة وهو ابن مائة سنة كذا في التقريب ، وقال  ابن حجر     : روى عنه الستة في صحاحهم (  البصري     ) بفتح الموحدة وبكسر ( وهو ثقة وروى عنه  شعبة     ) أي : مع جلالته (   وعبد الوارث بن سعيد  ،   وحماد بن زيد  وإسماعيل بن إبراهيم  وغير واحد ) أي : كثيرون ( من الأئمة ) أي : أئمة الحديث ، ونقادهم ، وحذاقهم ، فغرض  الترمذي  هنا بيان توثيق يزيد لكن سبق ذكره في أول باب الضحى ، فكان الأنسب إيراد ما يتعلق توضيحه هنا لك على ما ذكره  الحنفي  ، وتعقبه  ابن حجر  بقوله ، وقصد  الترمذي  بذلك الرد على من زعم أنه لين الحديث ، وذكر هذا هنا دون ما مر ; لأن ما رواه هنا يعارضه ما مر من أنه - صلى الله عليه وسلم -  كان يصوم الغرة والاثنين والخميس وأيام البيض  ، ونحو ذلك مما فيه أنه أتى بتنصيص أيامه ، وعينها لصومه ، وربما طعن طاعن في يزيد بهذا فرده بتوثيقه مع الإرشاد على أنه لا تعارض ، ووجهه أن معنى كونه لا يبالي بذلك أنه كان في كثير من أوقاته يترك تلك الأيام المذكورة ، ويصوم غيرها من بقية الشهر فلم يكن يلازم أياما بعينها لا ينفك عنها نظير ما مر قريبا في ساعات الليل بالنسبة لقيامه ، ومنامه ( وهو  يزيد القاسم     ) أي الذي كان يعرف علم القسمة أو كان يباشرها من جهة السلطنة ( ويقال ) أي : له كما في نسخة (  القسام     ) بتشديد السين مبالغة القاسم ( والرشك بلغة  أهل البصرة   هو القسام ) قال  ميرك     : اختلف في وجه تلقيب  يزيد الضبعي  بالرشك بكسر الراء فذهب المصنف إلى أن الرشك القسام بلغة البصرة يعني به لأجل أنه كان ماهرا في      [ ص: 129 ] في قسمة الأراضي وحرفها ، وقيل الرشك : اللحية الكثيفة لقب به لكثرة لحيته ، وكثافتها ، وقيل الرشك العقرب ولقب به ; لأنه قيل إن عقربا دخل لحيته ومكث فيها ثلاثة أيام ، ولا يدري به لكثافة لحيته ، وقال   أبو حاتم الرازي     : لقب به ; لأنه كان غيورا فكان عين الغيرة والرشك قال  العسقلاني     : وهذا هو المعتمد .  
قلت : الرشك بفتح الراء فارسي بمعنى الغيرة ، ولعله عرب وغير أوله لكن لم يذكر صاحب الصحاح هذه المادة ، وقال صاحب القاموس : الرشك بالكسر : الكبير اللحية ، والذي يعد على الرماة في السبق ، وأصله القاف ، ولقب  يزيد بن أبي يزيد الضبعي  أحسب أهل زمانه .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					