قال في التوراة في السفر الأول : ( إن الملك ظهر  لهاجر أم إسماعيل  ، فقال : يا  هاجر  ، من أين أقبلت ؟ وإلى أين تريدين ؟ فلما شرحت له الحال ، قال : ارجعي فإني سأكثر ذريتك وزرعك حتى لا يحصون كثرة ، وها أنت تحبلين وتلدين ابنا اسمه  إسماعيل   لأن الله قد سمع تذللك وخضوعك ، وولدك يكون وحشي الناس ، وتكون يده على الكل ، ويد الكل مبسوطة إليه بالخضوع ) .  
وهذه بشارة تضمنت أن يد ابنها على يد كل الخلائق ، وأن كلمته العليا ، وأن يد ابنها عالية ، ويد الخلق تحت يده ، فمن هذا الذي ينطبق عليه هذا الوصف سوى  محمد بن عبد الله   صلوات الله وسلامه عليه .  
وكذلك في السفر الأول من التوراة : إن الله قال  لإبراهيم   إني جاعل ابنك  إسماعيل   لأمة عظيمة إذ هو من زرعك .  
وهذه بشارة بمن جعل من ولده لأمة عظيمة ، وليس هو سوى  محمد بن عبد الله   صلى الله عليه وسلم   [ ص: 322 ] الذي هو من صميم ولده ، فإنه جعل لأمة عظيمة ، ومن تدبر هذه البشارة جزم بأن المراد بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لأن  إسماعيل   لم تكن يده فوق يد  إسحاق   قط ، ولا كانت يد  إسحاق   مبسوطة إليه بالخضوع ، وكيف يكون ذلك وقد كانت النبوة والملك في ولد  إسرائيل   والعيص  وهما ابنا  إسحاق      . فلما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم انتقلت النبوة إلى ولد  إسماعيل   ودانت له الأمم ، وخضعت له الملوك ، وجعل خلافة الملك إلى أهل بيته إلى آخر الدهر ، وصارت أيديهم فوق أيدي الجميع ، وأيدي الجميع مبسوطة إليهم بالخضوع ، وكذلك في السفر الأول : إن الله تعالى قال  لإبراهيم      : إن في هذا العام يولد لك ولد اسمه  إسحاق   ، فقال  إبراهيم      : ليت  إسماعيل   هذا يحيى بين يديك ويمجدك ، فقال الله تعالى : قد استجبت لك في  إسماعيل   وإني أباركه وأنميه وأعظمه جدا جدا بما قد استجبت فيه ، وإني أصيره إلى أمة كبيرة عظيمة ، وأعطيه شعبا جليلا . ولم يأت من صلب  إسماعيل   من بورك وعظم وانطبقت عليه هذه العلامات غير رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمته ، ملئوا الآفاق وأربوا في الكثرة على نسل  إسحاق      .  
				
						
						
