وأما أنها  مانعة من شفاعة محمد صلى الله عليه وسلم      :  
فلما روي : أنه عليه السلام قال :  حلت شفاعتي لأمتي; إلا صاحب بدعة     .  
ويشير إلى صحة المعنى فيه ما في الصحيح; قال :  أول من يكسى يوم القيامة إبراهيم ، وأنه سيؤتى برجال من أمتي ، فيؤخذ بهم ذات الشمال إلى قوله : فيقال : لم يزالوا مرتدين على أعقابهم .  الحديث ، وقد تقدم .  
ففيه أنه لم يذكر لهم شفاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإنما قال :  فأقول لهم : سحقا; كما قال العبد الصالح     .  
ويظهر من أول الحديث أن ذلك الارتداد لم يكن ارتداد كفر; لقوله :      [ ص: 160 ] وإنه سيؤتى برجال من أمتي ، ولو كانوا مرتدين عن الإسلام لما نسبوا إلى أمته ، ولأنه عليه السلام أتى بالآية ، وفيها : (  وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم      )  ، ولو علم النبي صلى الله عليه وسلم أنهم خارجون عن الإسلام جملة ، لما ذكرها ، لأن من مات على الكفر لا غفران له ألبتة ، وإنما يرجى الغفران لمن لم يخرجه عمله عن الإسلام; لقول الله تعالى : (  إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء      ) .  
ومثل هذا الحديث حديث ( الموطأ ) لقوله فيه :  فأقول فسحقا فسحقا     .  
				
						
						
