"لا جمعة ، ولا تشويق إلا في مصر جامع " .
قال : حدثناه "جرير " عن "منصور " عن "سعد بن عبيدة " عن "أبي عبد الرحمن السلمي " عن "علي " .
قال " الأصمعي " أراد بالتشريق : صلاة العيد ، وإنما أخذه من شروق الشمس ؛ لأن ذلك وقتها .
قال "أبو عبيد " : يعني أنه لا صلاة يوم العيد ، ولا جمعة إلا على أهل الأمصار ، وإنما سميت صلاة العيد تشريقا لإشراق الشمس ، وهو إضاءتها ، لأن ذلك وقتها .
ويقال : شرقت الشمس : إذا طلعت شروقا ، وأشرقت إشراقا : إذا أضاءت .
قال : وأخبرني " الأصمعي " عن "شعبة " قال : قال لي "سماك بن حرب " في يوم عيد : اذهب بنا إلى المشرق ؛ يعني إلى المصلى .
قال "أبو عبيد " : ومما يبين هذا المعنى حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : حدثني "ابن مهدي " عن "شعبة " عن "سيار " عن [ ص: 345 ] "الشعبي " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : "من ذبح قبل التشريق فليعد " .
قال : وحدثنا "هشيم " قال : أخبرنا "سيار " عن "الشعبي " عن "النبي" - صلى الله عليه وسلم - نحوه .
وفي ذلك يقول "الأخطل " :
وبالهدايا إذا احمرت مذارعها في يوم ذبح وتشريق وتنحار
قال "أبو عبيد " : وأما قولهم : أيام التشريق ، فإن فيه قولين :يقال : سميت بذلك ؛ لأنهم كانوا يشرقون فيها لحوم الأضاحي .
ويقال : بل سميت به ؛ لأنها كلها أيام تشريق لصلاة يوم النحر ، يقول : فصارت هذه الأيام تبعا ليوم النحر ، وهذا أعجب القولين إلي [ ص: 346 ] .
وكان "أبو حنيفة " يذهب بالتشريق إلى التكبير في دبر الصلوات ، يقول : لا تكبير إلا على أهل الأمصار تلك الأيام ، فيقول : من صلى في سفر ، أو في غير مصر ، فليس عليه تكبير .
وهذا كلام لم نجد أحدا يعرفه . أن التكبير يقال له : التشريق ، وليس يأخذ به [أحد ] من أصحابه - لا "أبو يوسف " ، ولا "محمد" - كلهم يرى التكبير على المسلمين جميعا ، حيث كانوا في السفر والحضر ، وفي الأمصار وغيرها .


