[ ص: 523 ] وقد ثبت عنه في الصحيحين أنه قال : " لا [1] أفلح قوم ولوا أمرهم امرأة  " [2] ، فكيف يسوغ للأمة أن تعدل عما علمته من سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما يحكى عن  فاطمة  في كونها طلبت الميراث ، تظن أنها ترث [3]  . 
( فصل ) 
وأما تسميته بخليفة رسول الله   ; فإن المسلمين سموه بذلك ، فإن كان الخليفة هو المستخلف ، كما ادعاه هذا ، كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد استخلفه ، كما يقول ذلك من يقول من أهل السنة ، وإن كان  [ ص: 524 ] الخليفة هو الذي خلف غيره - وإن كان لم يستخلفه ذلك الغير كما يقوله الجمهور - لم يحتج في هذا الاسم إلى الاستخلاف . 
[ والاستعمال الموجود في الكتاب والسنة يدل على أن هذا الاسم يتناول كل من خلف غيره : سواء استخلفه ] [4] أو لم يستخلفه ، كقوله تعالى : ( ثم جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون   ) [ سورة يونس : 14 ] ، وقوله [ تعالى : ( وهو الذي جعلكم خلائف الأرض   ) الآية [ سورة الأنعام : 165 ] ، وقال : ] [5]  ( ولو نشاء لجعلنا منكم ملائكة في الأرض يخلفون   ) [ سورة الزخرف : 60 ] ، وقوله : ( واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح   ) [ سورة الأعراف : 69 ] ، وفي القصة الأخرى : ( خلفاء من بعد عاد   ) [ سورة الأعراف : 74 ] ( وقال موسى لأخيه هارون اخلفني في قومي   ) [ سورة الأعراف : 142 ] فهذا استخلاف . 
وقال تعالى : ( وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر   ) [ سورة الفرقان : 62 ] ، وقال : ( إن في اختلاف الليل والنهار   ) [ سورة يونس : 6 ] أي : هذا يخلف هذا ، وهذا يخلف هذا ، فهما يتعاقبان ، وقال موسى   : ( عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون   )  [ ص: 525 ]  [ سورة الأعراف : 129 ] ، وقال تعالى : ( وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم   ) [ سورة النور : 55 ] ، وقال للملائكة : ( إني جاعل في الأرض خليفة   ) [ سورة البقرة : 30 ] ، وقال : ( ياداود إنا جعلناك خليفة في الأرض   ) [ سورة ص : 26 ] . 
فغالب هذه المواضع ليكون الثاني خليفة عن الأول ، وإن كان الأول لم يستخلفه . 
وسمي الخليفة خليفة ; لأنه يخلف من قبله ، والله تعالى جعله يخلفه ، كما جعل الليل يخلف النهار ، والنهار يخلف الليل ، ليس المراد أنه خليفة عن الله ، كما ظنه بعض الناس ، كما قد بسطناه في موضع آخر . 
والناس يسمون ولاة أمور المسلمين الخلفاء . وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي  " [6]  . 
ومعلوم أن  عثمان  لم يستخلف  عليا  ،  وعمر  لم يستخلف واحدا معينا ، وكان يقول : " إن أستخلف فإن  أبا بكر  استخلف ، وإن لم أستخلف فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يستخلف  " . 
وكان مع هذا يقول  لأبي بكر   : يا خليفة رسول الله . 
وكذلك خلفاء بني أمية  وبني العباس  ، كثير منهم لم يستخلفه من قبله . فعلم أن الاسم عام فيمن خلف غيره . 
 [ ص: 526 ] وفي الحديث - [ إن صح ] - [7]  : " وددت أني رأيت  " أو قال : " رحمة الله على خلفائي " . قالوا : ومن خلفاؤك يا رسول الله ؟ قال : " الذين يحيون سنتي ، ويعلمونها الناس  " [8]  . 
وهذا إن صح من قول النبي - صلى الله عليه وسلم - فهو حجة في المسألة ، وإن لم يكن من قوله فهو يدل على أن الذي وضعه كان من عادتهم استعمال لفظ " الخليفة " فيمن خلف غيره وإن لم يستخلفه ، فإذا قام مقامه وسد مسده في بعض الأمور فهو خليفة عنه في ذلك الأمر . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					