فصل . 
وأما قوله عنهم : إنهم يقولون : [ إنه ] [1] لا يفعل ما هو الأصلح  [ ص: 461 ] لعباده  بل ما هو الفساد ؛ لأن فعل [2] المعاصي وأنواع الكفر وجميع أنواع الفساد الواقعة في العالم مسندة إليه ، تعالى الله عن ذلك . 
يقال : هذا الكلام وإن قاله طائفة من متكلمي أهل الإثبات ، فهو قول طائفة من متكلمي الشيعة  أيضا . وأئمة أهل السنة وجمهورهم لا يقولون ما ذكر ، بل الذي [3] يقولونه : إن الله خالق كل شيء وربه ومليكه  ، وإنه لا يخرج عن ملكه وخلقه وقدرته شيء ، وقد دخل في ذلك جميع أفعال الحيوان ، فهو خالق لعبادات الملائكة والمؤمنين وسائر حركات العباد . 
والقدرية  ينفون عن ملكه خيار ما في ملكه ، وهو طاعة الملائكة والأنبياء والمؤمنين [4] فيقولون : لم يخلقها الله تعالى ، ولا يقدر على أن يستعمل العبد فيها ، ولا يلهمه إياها ، ولا يقدر أن يجعل من لم يفعلها فاعلا لها . 
وقد قال الخليل   - عليه السلام - : ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك   [ سورة البقرة : 128 ] فطلب من الله أن يجعله مسلما لله [5] ومن ذريته أمة مسلمة له ، وهو صريح في أن الله تعالى يجعل الفاعل فاعلا . وقال : رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي   [ سورة إبراهيم : 40 ] ، فقد طلب من الله [ تعالى ] أن [6]  \ 3 461 3 يجعله مقيم الصلاة ، فعلم  [ ص: 462 ] أن الله هو الذي يجعل المصلي [7] مصليا . وقد أخبر عن الجلود والجوارح إخبار مصدق لها أنها قالت : أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء   [ سورة فصلت : 21 ] فعلم أنه ينطق جميع الناطقين . 
وأما كونه لا يفعل ما هو الأصلح لعباده أو لا يراعي مصالح العباد ، فهذا مما اختلف فيه الناس . 
				
						
						
