( تنبيهات )  
( الأول ) اختلفت الروايات في  تحديد الحوض وتقديره   اختلافا كثيرا ، ففي حديث   عبد الله بن عمرو بن العاص     - رضي الله عنهما - أنه مسيرة شهر ، وزواياه سواء ، وفي رواية عند   الإمام أحمد  أن الحوض ما بين  عدن   وعمان   ، وفي رواية الصحيحين ما بين  صنعاء   والمدينة   ، وفي رواية لهما أيضا : ما بين  المدينة   وعمان   ، وفي رواية : ما بين  أيلة   ومكة   ، وعند   ابن ماجه     : ما بين  المدينة   إلى  بيت المقدس   ، وفي رواية : ما بين  جرباء   وأذرح   ، وفي رواية : ما بين  أيلة   وصنعاء اليمن   ، وهو في الصحيحين . قال في جامع الأصول عن كون حوضه - صلى الله عليه وسلم - ما بين جنبيه كما بين  جرباء   وأذرح      : رواه   البخاري  ومسلم  وأبو داود  ، وقال بعض الرواة : هما قريتين  بالشام   بينهما مسيرة ثلاث ليال ، وفي لفظ : ثلاثة أيام .  
قال في القاموس :  وجرباء  قرية بجنب  أذرح  ، وغلط من قال : بينهما ثلاثة أيام ، وإنما الوهم من رواة الحديث من إسقاط زيادة ذكرها   الدارقطني  ، وهي :  
ما بين ناحيتي حوضي كما بين  المدينة  وجرباء  وأذرح . انتهى .  
وفي مسلم   والترمذي     : مثل ما بين  عدن  إلى  عمان  البلقاء .  
قال بعض العلماء : وهذا الاختلاف والاضطراب لا يوجب الضعف ؛ لأنه من اختلاف التقدير والتحديد لا من الاختلاف في الرواية ؛ لأن ذلك لم يقع في حديث واحد فيعد اضطرابا ، وإنما جاء في أحاديث مختلفة عن غير واحد من الصحابة ، وقد سمعوه في مواطن متعددة ، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يمثل لكل قوم الحوض بحسب ما يعلم      [ ص: 202 ] المتكلم ويفهم السائل ، وبحسب ما يسنح له - صلى الله عليه وسلم - من العبارة ، ويحدد الحوض بحسب ما يفهم الحاضرون من الإشارة . قال الحافظ  ابن حجر     : هذا الاختلاف المتباعد الذي يزيد تارة على ثلاثين يوما ، وينقص إلى ثلاثة أيام لا يصلح أن يكون من ضرب المثل في التقدير ؛ لأنه إنما يكون بما يتقارب .  
ورد عليه بأن رواية ثلاثة أيام اعترف هو نفسه بأنها غلط فلا يتوجه الاعتراض بها .  
وقال  النووي     : ليس في ذكر المسافة القليلة ما يدفع المسافة الكثيرة ، فالأكثر ثابت بالحديث الصحيح ، فلا معارضة .  
وقال بعضهم : يحمل القصير على العرض ، والطويل على الطول . قلت : ويرد هذا : " زواياه سواء " ، وأوضح من هذا ما في رواية : طوله وعرضه سواء .  
وقال بعضهم : بل سبب الاختلاف ملاحظة سرعة السير وعدمها ، فقد عهد في الناس من يقطع مسافة عشرة أيام في ثلاثة أيام وعكسه ، وأكثر من ذلك وأقل ، والله أعلم .  
				
						
						
