وقد اختلف في  معنى محاسبته تعالى عباده   على ثلاثة أقوال ( أحدها ) : أنه يعلمهم ما لهم وعليهم كما تقدم ، قال بعض العلماء بأن يخلق الله في قلوبهم علوما ضرورية بمقادير أعمالهم من الثواب والعقاب ( الثاني ) : ونقل  عن   ابن عباس     - رضي الله عنهما - أن يوقف الله تعالى عباده بين يديه ويؤتيهم كتب أعمالهم فيها سيئاتهم وحسناتهم فيقول : هذه سيئاتكم وقد تجاوزت عنها ، وهذه حسناتكم وقد ضاعفتها لكم     ( الثالث ) : أن يكلم الله عباده في شأن أعمالهم ، وكيفية ما لها من الثواب ، وما عليها من العقاب ، وفي هذا من صحيح الأخبار وصريح الآثار ما يقلع شرور من في قلبه نوع اختلاج أصل كل شبهة وبدعة ، فقد أخرج  الترمذي  من حديث  أبي برزة     - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :  
"  لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع ، عن عمره فيما أفناه ، وعن علمه ما عمل به ، وعن ماله من أين اكتسبه ، وفيما أنفقه ، وعن جسمه فيما أبلاه     ) قال  الترمذي     :  
حديث حسن صحيح ، ورواه  البزار   والطبراني  بإسناد صحيح من حديث   معاذ بن جبل     - رضي الله عنه ، ولفظه " لن  تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع خصال ، عن عمره فيما أفناه ، وعن شبابه فيما أبلاه ، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه ، وعن علمه ماذا عمل فيه     " . وفي الصحيحين  من حديث  عائشة     - رضي الله عنها - قالت :  
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " من نوقش الحساب عذب " فقلت :  
أليس يقول الله (  فأما من أوتي كتابه بيمينه   فسوف يحاسب حسابا يسيرا   وينقلب إلى أهله مسرورا      ) فقال :  
" إنما ذلك العرض ، وليس أحد يحاسب يوم القيامة إلا هلك     .  
ورواه  أبو داود  ،   والترمذي  ، وغيرهما .  
ورواه  البزار   والطبراني  في الكبير بإسناد صحيح من حديث  ابن الزبير     - رضي الله عنهما - ولفظه : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم :  من نوقش الحساب هلك     . وفي صحيح  مسلم  ، وسنن  الترمذي  من حديث   أبي هريرة     - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :  
"  لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء     " .  
ورواه   الإمام أحمد  ، ولفظه "  يقتص للخلق بعضهم من بعض حتى للجماء من القرناء ، وحتى للذرة من الذرة     " ، ورواته رواة      [ ص: 173 ] الصحيح ، الجلحاء والجماء التي لا قرن لها .  
وأخرج   الإمام أحمد  أيضا عن   أبي هريرة  أيضا - رضي الله عنه - قال :  
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "  ليختصمن كل شيء يوم القيامة حتى الشاتان فيم انتطحا     " وإسناده حسن .  
ورواه   الإمام أحمد  أيضا ،  وأبو يعلى  من حديث  أبي سعيد     . وفي حديث  عبد الله بن أنيس     - رضي الله عنه - أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول "  يحشر الله العباد يوم القيامة - أو قال : الناس - عراة غرلا بهما - قال قلنا : وما بهما ؟ قال : ليس معهم شيء ، ثم يناديهم بصوت يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب :  
أنا الديان ، أنا الملك ، لا ينبغي لأحد من أهل النار أن يدخل النار وله عند أحد من أهل الجنة حق حتى أقضيه منه ، ولا ينبغي لأحد من أهل الجنة أن يدخل الجنة ولأحد من أهل النار عنده حق حتى أقضيه منه ، حتى اللطمة " قال : قلنا : كيف وإنما نأتي عراة غرلا بهما ؟ قال : " الحسنات ، والسيئات     " رواه   الإمام أحمد  بإسناد حسن ، وفي صحيح  مسلم  وغيره من حديث   أبي هريرة     - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال "  المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة ، وصيام ، وزكاة ، ويأتي وقد شتم هذا ، وقذف هذا ، وأكل مال هذا ، وسفك دم هذا ، وضرب هذا ، فيعطى هذا من حسناته ، وهذا من حسناته ، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار     " . وفي هذا أحاديث كثيرة وبالله التوفيق .  
				
						
						
