فوائد :  
الأولى :  
اختلف فيما يكتب الملكان   ، فقال  عكرمة     : لا يكتبان إلا ما يؤجر عليه ، أو يوزر عليه . انتهى . وظاهر النص أنهما يكتبان أفعال العباد من خير ، أو شر ، أو غيرهما ، قولا كان أو عملا أو اعتقادا ، هما كانت أو عزما أو تقريرا ، فلا يهملان من أفعال العباد شيئا في كل حال وعلى كل حال ، ولهذا  قال  مجاهد     : يكتبان عليه حتى أنينه في مرضه     . فقوله - تعالى - :  ما يلفظ من قول إلا لديه   أي عنده رقيب أي حافظ يرقب أعماله ويحفظها عتيد أي حاضر معه أين ما كان .  قال   الإمام مالك     : يكتبان على العبد كل شيء حتى أنينه في مرضه     - كقول  مجاهد     - محتجا بقوله - تعالى - :  ما يلفظ من قول   فإفادة العموم بطريق وقوع النكرة في سياق النفي ، وحينئذ يدخل في العبد الكافر ; لأنه تضبط عليه أعماله وأنفاسه . قال  الإمام النووي     : الصواب الذي عليه المحققون ، بل نقل فيه بعضهم الإجماع أن  الكافر إذا فعل أفعالا جميلة كالصدقة وصلة الرحم ، ثم أسلم ومات على الإسلام   أن ثواب ذلك يكتب له ، ودعوى كونه مخالفا للقواعد غير مسلم . انتهى . قال بعضهم : وضابط      [ ص: 451 ] ذلك الطاعات التي لا تتوقف صحتها على نية ، وقد سلم ذلك له  ابن حجر  وابن المنير   وابن بطال  وغيرهم . وممن نص على أن للكافر حفظة - بعض  المالكية   ، قال بعضهم : وهو الذي لا يصح غيره . وهو الجاري على القول بتكليفهم بفروع الشريعة وهو معتمد الثلاثة خلافا  لأبي حنيفة     .  
والصحيح من مذهبنا  كالمالكية   كتب  حسنات الصبي   ، قال علماؤنا : يكتب له ولا يكتب عليه ، فيكون عليه حفظة بخلاف المجنون ; لأنه لا يكتب له ولا عليه ، والصحيح كتبهم الصغائر المغفورة ، وإن غفرت باجتناب الكبائر ، قال  الحافظ ابن رجب     - رحمه الله - : لا تمحى الذنوب من صحائف الأعمال بتوبة ، ولا غيرها بل لا بد أن يوقف عليها صاحبها ويقرأها يوم القيامة . واستدل بقوله - تعالى - :  ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه   الآية ، وبقوله - تعالى - :  فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره   ويقولون يا ويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها      . وقد ذكر بعض المفسرين أن هذا القول هو الصحيح عند المحققين ، وقد روي هذا القول عن   الحسن البصري   وبلال بن سعد الدمشقي  ،  قال  الحسن  في العبد يذنب ثم يتوب ويستغفر : يغفر له ولكن لا يمحاه من كتابه دون أن يقفه عليه ثم يسأله عنه ، ثم بكى  الحسن  بكاء شديدا ، وقال لو لم نبك إلا للحياء من ذلك المقام لكان ينبغي لنا أن نبكي     .  
وقال   بلال بن سعد     : إن  الله يغفر الذنوب ولكن لا يمحاها من الصحيفة   ، حتى يوقفه عليها يوم القيامة ، وإن تاب     .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					