حدثنا الإمام أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الإسفراييني  إملاء ، أنا الإمام أبو بكر أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي ،  أنا  محمد بن عبد الله بن سليمان ،  نا جعدية بن يحيى الليثي ،  عن  العلاء بن بشير ،  عن  سفيان الثوري ،  عن  بهز بن حكيم ،  عن أبيه ،  عن جده ،  أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ليس لفاسق غيبة " ثم ضرب للغيبة مثلا ، فقال : أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا   قال  الزجاج :  تأويله : إن ذكرك بسوء من لم يحضرك ، بمنزلة أكل لحمه وهو ميت لا يحس بذلك . 
قال  مجاهد :  لما قيل لهم : أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا  قالوا : لا . 
قيل : فكرهتموه أي : فكما كرهتم هذا ، فاجتنبوا ذكره بالسوء غائبا . 
ويقال للمغتاب : فلان يأكل لحوم الناس . 
أخبرنا إسماعيل بن أبي القاسم ،  أنا أبو عمرو بن نجيد ،  نا جعفر بن محمد بن سوار ،  أنا  قتيبة بن سعيد ،  نا  يحيى بن زكريا ،  عن  إسماعيل بن أبي خالد ،  عن  قيس بن أبي حازم ،  قال : مر  عمرو بن العاص  على بغل ميت ، فقال : لأن يأكل أحدكم من هذا حتى يمتلئ جوفه خير له من أن يأكل من لحم رجل مسلم .  
أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر الخشاب ،  أنا إبراهيم بن عبد الله الأصبهاني ،  أنا  محمد بن إسحاق السراج ،  نا قتيبة ،  عن مروان بن سالم القرشي ،  نا  [ ص: 158 ] مسعدة بن اليسع ،  عن  الربيع بن صبيح ،  عن  يزيد الرقاشي :  أن رجلا اغتاب عنده رجلا ، قال : فأخبرني أنه رأى في المنام ، كأن زنجيا أتاه بطبق عليه جنب لحم خنزير لم أر لحما أنتن منه ، فقال : كل . 
فقلت : آكل لحم خنزير ! قال : فتهددني ، وقال لي : كل . 
فأكلت ، قال يزيد : فحلف لي أنه لم يزل شهرا يجد نتن ذلك في فيه . 
واتقوا الله في الغيبة ، إن الله تواب  على من تاب ، رحيم به . 
قوله : يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى  يعني : آدم  وحواء ،  أي : إنكم متساوون في النسب ؛ لأن كلكم يرجع بالنسب إلى آدم  وحواء ،  نزلت الآية في الزجر عن التفاخر بالأنساب .  
أخبرنا أبو بكر الحارثي ،  أنا أبو الشيخ الحافظ ،  نا محمد بن الحسن بن علي بن بحر ،  نا  محمد بن عبد الأعلى الصنعاني ،  نا  معتمر بن سليمان ،  عن أبيه ،  عن حنش ،  عن  عكرمة ،  عن  ابن عباس ،  أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال :  " إنما أنتم من رجل وامرأة كطف الصاع ليس لأحد على أحد فضل إلا بالتقوى" .  
ثم ذكر أنه إنما فرق بين أنساب الناس ، ليتعارفوا ، لا ليتفاخروا ، فقال : وجعلناكم شعوبا وهي جمع شعب ، وهو الحي العظيم مثل مضر  وربيعة ،  والقبائل دونها ، وهم كبكر  من ربيعة ،  وتميم  من مضر ،  هذا قول جماعة المفسرين ، وروى  عطاء ،  عن  ابن عباس ،  قال : يريد بالشعوب الموالي ، وبالقبائل العرب . 
وإلى هذا ذهب قوم ، فقالوا : الشعوب من العجم ، وهم من لا يعرف لهم أصل ، ولا نسب كالهند ، والجيل ، والترك ، والقبائل من العرب . 
وقوله : لتعارفوا  أي : 
 [ ص: 159 ] يعرف بعضكم بعضا في قرب النسب وبعده ، ثم أعلمهم أن أرفعهم عنده منزلة أتقاهم ، فقال : إن أكرمكم عند الله أتقاكم   . 
أخبرنا عبد الرحمن بن عبدان ،  نا محمد بن عبد الله بن حمدويه ،  نا محمد بن يعقوب الشيباني ،  نا  محمد بن عبد الوهاب ،  نا  محمد بن الحسن المخزومي ،  حدثتني أم سلمة بنت العلاء بن عبد الرحمن ،  عن أبيها ،  عن جدها ،  عن  أبي هريرة ،  أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال :  " إن الله تعالى يقول يوم القيامة : أمرتكم فضيعتم ما عهدت إليكم فيه ، ورفعتم أنسابكم فاليوم أرفع نسبي وأضيع أنسابكم ، أين المتقون أين المتقون إن أكرمكم عند الله أتقاكم   أخبرنا أبو الحسن محمد أحمد بن محمد بن الفضل ،  أنا أبو يعلى النسفي ،  أنا محمد بن يونس الكريمي ،  نا  أبو عاصم ،  نا موسى بن عبيد ،  عن  سعيد المقبري ،  قال : سأل رجل عيسى ابن مريم  عليه السلام : أي الناس أفضل ؟ فأخذ قبضتين من تراب ، فقال : أي هاتين أفضل ؟ الناس خلقوا من تراب ، فأكرمهم عند الله أتقاهم . 
وقال  قتادة :  أكرم الكرم التقوى ، وألأم اللؤم الفجور . 
وقال صلى الله عليه وسلم :  " من سره أن يكون أكرم الناس ، فليتق الله بقوله "   . 
قالت الأعراب آمنا  نزلت في بني أسد ،  أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سنة جدبة ، وأظهروا الإسلام ،  [ ص: 160 ] ولم يكونوا مؤمنين في السر ، إنما كانوا يطلبون الصدقة ، والمعنى : أنهم يقولون : صدقنا ما جئت به . 
قل لم تؤمنوا  لم تصدقوا ، ولكن قولوا أسلمنا  انقدنا واستسلمنا ، مخافة القتل والسبي ، ثم بين أن الإيمان محله القلب لا اللسان ،  بقوله : ولما يدخل الإيمان في قلوبكم   . 
قال  الزجاج :  الإسلام إظهار الخضوع ، وقبول ما أتى به النبي صلى الله عليه وسلم ، وبذلك يحقن الدم ، فإن كان مع ذلك الإظهار اعتقاد ، وتصديق بالقلب ، فذلك الإيمان وصاحبه المؤمن . 
وقد أخرج هؤلاء من الإيمان بقوله : ولما يدخل الإيمان في قلوبكم  أي : لم تصدقوا ، إنما أسلمتم تعوذا من القتل . 
أخبرنا أبو بكر التميمي ،  أنا عبد الله بن محمد بن جعفر ،  نا إبراهيم بن محمد بن الحسن ،  نا  إبراهيم بن يعقوب ،  نا  زيد بن الحباب ،  نا  علي بن مسعدة ،  حدثني  قتادة ،  حدثني أنس ،  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :  " الإسلام علانية والإيمان في القلب ، وأشار إلى صدره " وإن تطيعوا الله ورسوله   قال  ابن عباس :  تخلصوا الإيمان . 
لا يلتكم من أعمالكم شيئا  وقرأ أبو عمرو  لا يألتكم بالألف ، من ألت يألت ألتا إذا نقص ، ويقال أيضا : لات يليت ليتا بهذا المعنى ، قال  ابن عباس ،   ومقاتل :  لا ينقصكم من ثواب أعمالكم شيئا . 
ثم نعت الصادقين في إيمانهم ، فقال : إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا  لم يشكوا في دينهم بعد الإيمان ، وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله  وذلك أن الجهاد مع النبي صلى الله عليه  [ ص: 161 ] وسلم كان فرضا في ذلك الوقت ، أولئك هم الصادقون  في إيمانهم ، فلما نزلت الآيتان أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يحلفون أنهم مؤمنون صادقون . 
وعرف الله غير ذلك منهم ، فأنزل : قل أتعلمون الله بدينكم   علم هاهنا بمعنى : أعلم ، لذلك أدخلت الباء في بدينكم ، يقول : أتخبرون الله بالدين الذي أنتم عليه ؟ أي : أنه عالم بذلك ، لا يحتاج إلى إخباركم به ، وهو قوله : والله يعلم ما في السماوات وما في الأرض  الآية . 
وكان هؤلاء الأعراب يقولون لرسول الله صلى الله عليه وسلم : جئناك بالعيال ، والمال ، والأنفال ، ولم نقاتلك كما قاتلك بنو فلان . 
يمنون عليه بذلك ، فأنزل الله تعالى : يمنون عليك أن أسلموا  الآية ، وهي ظاهرة إلى آخر السورة . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					