[ ص: 127 ] المجلس العاشر 
في قصة لوط  عليه السلام 
الحمد لله الذي أحكم الأشياء كلها صنعا ، وتصرف كما شاء إعطاء ومنعا أنشأ الآدمي من قطرة فإذا هو يسعى ، وخلق له عينين ليبصر المسعى ، ووالى لديه النعم وترا وشفعا ، وضم إليه زوجة تدبر أمر البيت وترعى ، وأباحه محل الحرث وقد فهم مقصود المرعى فتعدى قوم إلى الفاحشة الشنعاء ، وعدوا ستا سبعا ، فرجموا بالحجارة فلو رأيتهم صرعى ولما جاءت رسلنا لوطا سيء بهم وضاق بهم ذرعا   . 
أحمده ما أرسل سحابا وأنبت زرعا ، وأصلي على رسوله محمد  أفضل نبي علم أمته شرعا ، وعلى  أبي بكر  الذي كانت نفقته للإسلام نفعا وعلى  عمر  ضيف الإسلام بدعوة الرسول المستدعى ، وعلى  عثمان  الذي ارتكب منه الفجار بدعا ، وعلى  علي  الذي يحبه أهل السنة طبعا ، وعلى  العباس  أبي الخلفاء أئمة المسلمين قطعا . 
قال الله عز وجل : ولما جاءت رسلنا لوطا سيء بهم وضاق بهم ذرعا   هو لوط بن هاران بن تارخ ، هو ابن أخي إبراهيم  الخليل عليه السلام ، وقد آمن به وهاجر معه إلى الشام  بعد نجاته من النار ، واختتن لوط  مع إبراهيم  وهو ابن ثلاث وخمسين سنة ، فنزل إبراهيم  فلسطين  ونزل لوط  الأردن .  
فأرسل الله تعالى لوطا  إلى أهل سدوم  ، وكانوا مع كفرهم بالله عز وجل يرتكبون الفاحشة فدعاهم إلى عبادة الله ونهاهم عن الفاحشة ، فلم يزدهم ذلك إلا عتوا ، فدعا الله أن ينصره عليهم فبعث الله عز وجل جبريل  وميكائيل  وإسرافيل  فأقبلوا مشاة في صورة رجال شباب ، فنزلوا على إبراهيم  فقام يخدمهم ، وقدم إليهم الطعام فلم يأكلوا ، فقالوا : لا نأكل طعاما إلا بثمنه ، قال : فإن له ثمنا ، قالوا : ما هو ؟ قال : تذكرون اسم الله تعالى على أوله وتحمدونه على آخره ، فنظر جبريل  إلى ميكائيل  وقال : حق لهذا أن يتخذه الله خليلا . 
فلما رأى امتناعهم خاف أن يكونوا لصوصا ، فقالوا : لا تخف إنا أرسلنا إلى قوم لوط  فضحكت سارة  تعجبا وقالت : نخدمهم بأنفسنا ولا يأكلون طعامنا ! فقال  [ ص: 128 ] جبريل :  أيتها الضاحكة أبشري بإسحاق  ومن وراء إسحاق  يعقوب  ، وكانت بنت تسعين سنة وإبراهيم  ابن مائة وعشرين سنة . 
فلما سكن روع إبراهيم  وعلم أنهم ملائكة أخذ يناظرهم ، فقال : أتهلكون قرية فيها أربعمائة مؤمن ؟ قالوا : لا ، قال : ثلاثمائة ؟ قالوا : لا ، قال : مائتان ؟ قالوا : لا ، قال : أربعون ؟ قالوا : لا ، قال : أربعة عشر ؟ قالوا : لا ، وكان يعدهم أربعة عشر مع امرأة لوط ، فقال : إن فيها لوطا ، قالوا : نحن أعلم بمن فيها ، فسكت واطمأنت نفسه . 
ثم خرجوا من عنده فجاؤوا إلى لوط  وهو في أرض له يعمل ، فقالوا : إنا متضيفون الليلة بك ، فانطلق بهم والتفت إليهم في بعض الطريق فقال : أما تعلمون ما يعمل أهل هذه القرية ؟ والله ما أعلم على ظهر الأرض أخبث منهم ! . 
فلما دخلوا منزله انطلقت امرأته فأخبرت قومها . 
				
						
						
