[ ص: 311 ] المجلس السابع والعشرون
في قصة نبينا صلى الله عليه وسلم في ابتداء أمره
الحمد لله قاهر المتجبر ومذله ، ورافع المتواضع ومجله ، القريب من عبده فهو أقرب من ظله ، وهو عند المنكسر لأجله حال ذله ، لا يعزب عن سمعه وقع القطر في أضعف طله ، ولا بغام ظبي البر وكشيش صله ، ولا يغيب عن بصره في الدجى دبيب نملة ، رفع من شاء بإعزازه كما حط من شاء بذله ، اختار محمدا من الخلق فكأن الكل خلقوا من أجله هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله .
أحمده على أجل الإنعام وأقله ، وأشهد بوحدانيته شهادة مصدق قوله بفعله ، وأن محمدا عبده ورسوله أرسله لنقض الكفر وحله ، فقام معجزه ينادي : فأتوا بسورة من مثله صلى الله عليه وسلم وعلى أبي بكر الصديق واصل حبله ، وعلى عمر الذي كان يفرق الشيطان من ظله ، وعلى عثمان مجهز جيش العسرة وعاقد شمله ، وعلى علي أخيه وابن عمه ومقدم أهله ، وعلى عمه العباس صنو أبيه وأصله .
اللهم يا من جميع الخلائق مفتقرون إلى فضله ، يا منعما بالجزيل على من ليس من أهله ، سامح كلا منا في جده وهزله ، وارزقنا إقدام شجاع ولي العدو وجمعه ولم يوله ، وارحمنا يوم يذهل كل خليل عن خله ، وانفعني والحاضرين بما اجتمعنا لأجله .
قال الله تعالى : هو الذي أرسل رسوله بالهدى .
اعلموا أن نبينا صلى الله عليه وسلم المصطفى على الخلق كلهم ، صان الله أباه من زلة الزنا .
أخبرنا محمد بن عبد الباقي البزار ، أنبأنا أبو محمد الجوهري ، أخبرنا أبو عمر بن حيوية أنبأنا أحمد بن معروف ، أنبأنا الحارث بن أبي أسامة ، أنبأنا محمد بن سعد ، أنبأنا محمد بن عمر الأسلمي ، أنبأنا أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة ، عن عبد المجيد بن سهل ، عن عكرمة ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " خرجت من لدن آدم من نكاح غير سفاح " .
[ ص: 312 ] قال علماء السير : لما حملت به آمنة قالت : ما وجدت له ثقلا .
وكانت ولادته يوم الاثنين لليلتين خلتا من ربيع الأول ، وقال بعضهم : لعشر خلون منه .
فلما ظهر خرج معه نور أضاء له ما بين المشرق والمغرب .
وتوفي أبوه وهو حمل ، فخلف له خمسة أجمال وقطعة غنم وأم أيمن كانت تحضنه .
وماتت أمه وهو ابن ست سنين . وكفله جده عبد المطلب ، ومات وهو ابن ثمان سنين وأوصى به أبا طالب .
وكان يسمى في صغره الأمين .
وكانت آيات النبوة تظهر عليه قبل النبوة ، فكان يرى النور والضوء ، ولا يمر بحجر ولا شجر إلا قال السلام عليك يا رسول الله ، وقال : " إني لأعرف حجرا بمكة كان يسلم علي قبل أن أبعث ، إني لأعرفه الآن " .
ثم رميت الشياطين بالشهب لمبعثه .


