تأويل قول الله - عز وجل - : ( وذروا البيع ذلكم خير لكم   )  
قال الله - عز وجل - : ( وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون   ) ، فكان أول الوقت المنهي عن البيع فيه مختلفا ، وفي الذي منع منه هل هو النداء ؟ أو وقت النداء ؟ . 
 229  - فحدثنا محمد بن خزيمة ،  قال : حدثنا حجاج ،  قال : حدثنا  حماد بن سلمة ،  عن كلثوم بن جبير ،  قال : قال  مسلم بن يسار :   " إذا انتصف النهار يوم الجمعة فلا تشتر ولا تبع   " . 
 230  - حدثنا  ابن أبي مريم ،  قال : حدثنا  الفريابي ،  قال : حدثنا سفيان ،  عن جويبر ،  عن الضحاك ،  قال : " يحرم الشراء والبيع إذا زالت الشمس يوم الجمعة " .  
 231  - حدثنا  ابن أبي مريم ،  قال : حدثنا  الفريابي ،  قال : حدثنا سفيان ،  عن  منصور ،  عن رجل ، عن مسروق ،  في قوله - عز وجل - : ( إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة   ) ،  قال : هو الوقت . 
فهذا مسروق ،  ومسلم بن يسار ،  والضحاك  قد جعلوا الذي يمنع من البيع والشراء في هذه الآية زوال الشمس ، لا النداء بالصلاة  [ ص: 152 ]  . 
 232  - وقد حدثنا  ابن أبي مريم ،  قال : حدثنا  الفريابي ،  قال : حدثنا سفيان ،  عن جابر ،  عن  مجاهد ،  قال : " العزمة عند النداء   " . 
 233  - حدثنا  ابن أبي مريم ،  قال : حدثنا  الفريابي ،  قال : حدثنا سفيان ،  عن  محمد بن عبد الرحمن ،  عن  الزهري ،  قال : " يحرم البيع والشراء عند النداء   " . 
فهذا مجاهد ،  والزهري  قد جعلا الذي ينهى عن البيع النداء ، لا الزوال . 
ولما كان على الناس إذا زالت الشمس إتيان الجمعة ولا يرفع ذلك عنهم تأخير النداء بها ، كان الذي يوجب تركهم البيع والشراء ويمنعهم منها هو ذلك الوقت ، لا النداء الذي ينادى به بعده ، ولما كان النداء على الزوال لا معنى له ، دل ذلك على أن النداء الذي بعد الزوال إنما هو بعد ما قد وجب إتيان الصلاة ، وترك التشاغل عنها بغيرها . 
وقد اختلف أهل العلم في المتبايعين في هذا الوقت المنهي عن التبايع فيه ، فقال طائفة منهم : هو مكروه ، والبيع جائز ، وممن قال ذلك منهم :  أبو حنيفة ،   وزفر ،   وأبو يوسف ،  ومحمد ،   والشافعي   . 
وقالت طائفة منهم : ذلك البيع باطل ، وممن قال ذلك منهم  مالك بن أنس .  
ولما اختلفوا في ذلك نظرنا فيما يجمعون عليه من شكل ما اختلفوا فيه من هذا التعطف عليها ما اختلفوا فيه ، فوجدناهم لا يختلفون أن الله - عز وجل - قد حرم على العباد التشاغل عن الصلوات في آخر أوقاتها إذا لم يبق من الوقت إلا مقدار ما تؤدى فيه تلك الصلاة ، وكان من صار في مثل ذلك من الوقت ، فترك الصلاة ، فباع واشترى ، فبيعه وشراؤه جائزان بلا اختلاف ممن ذكرنا ، فلما كان البيع في هذا الوقت جائزا أو إن كان الوقت الذي عقد فيه منهيا عن البيع فيه كان كذلك البيع فيما سواه من الأوقات المنهي عن البيع فيها ،  والله أعلم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					