قال الله عز وجل : ( والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء   ) ، فاختلف أهل العلم في الأقراء المذكور في هذه الآية ما هي . 
فقالت طائفة منهم : هي الأطهار التي تكون من الحيض وممن قال ذلك منهم  مالك  ،  والشافعي ،  وغيرهما من أهل العلم ، وقد روي ذلك عن  زيد بن ثابت ،   وابن عمر  على اختلاف روي عنهما في ذلك مما سنذكره إن شاء الله ، وعن  عائشة  مما لا نعلم عنها في ذلك اختلافا . 
 1912  - حدثنا يونس  ، قال حدثنا  سفيان بن عيينة  ، عن  الزهري  ، عن  سليمان بن يسار  ، عن  زيد بن ثابت ،  قال : إذا طلقت المطلقة في الحيضة الثالثة فقد برئت منه .  
 1913  - حدثنا يونس  ، قال أخبرنا  ابن وهب  ، قال حدثنا  ابن أبي ذئب ،  عن  ابن شهاب  ، قال : قضى  زيد بن ثابت  في المطلقة إذا طعنت في الحيضة الثالثة أنها قد برئت منه .  
قال  ابن شهاب   : وأخبرني بذلك  عروة ،  عن  عائشة   . 
 1914  - حدثنا يونس  ، قال أخبرنا  ابن وهب  ، أن  مالكا  ، أخبره ، عن  ابن شهاب  ، عن  عروة ،  عن  عائشة  ، أنها انتقلت  حفصة ابنة عبد الرحمن بن أبي بكر  حين دخلت في الدم من الحيضة الثالثة . 
قال  ابن شهاب   : فذكرت ذلك  لعمرة ،  فقالت : صدق  عروة ،  قد جادلها في ذلك الناس ، وقالوا : إن الله عز وجل قال : ( ثلاثة قروء   ) فقالت لهم  عائشة   : أتدرون ما الأقراء ؟  إنما الأقراء الأطهار . 
 [ ص: 373 ]  1915  - حدثنا يونس  ، قال أخبرنا  ابن وهب  ، أن  مالكا  ، أخبره ، عن  نافع  ، عن  ابن عمر  ، أنه قال : إذا طلق الرجل امرأته فدخلت في الدم من الحيضة الثالثة فقد برئت منه ، وبرئ منها ، ولا ترثه ، ولا يرثها  هكذا حدثنا يونس  في موطإ  مالك  ، . 
وأما ما حدثنا في موطإ  ابن وهب   : 
 1916  - فحدثنا ، قال أخبرنا  ابن وهب  ، قال : أخبرني عمر بن محمد العمري ،   ومالك بن أنس  ،  وعبد الله بن عمر  ورجال من أهل العلم ، أن  نافعا  ، أخبرهم ، عن  عبد الله بن عمرو  ، عن  زيد بن ثابت ،  ثم ذكر مثله سواء . 
 1917  - حدثنا  إبراهيم بن مرزوق  ، قال حدثنا وهب ،  قال حدثنا  شعبة  ، عن  عبد ربه بن سعيد  ، عن  نافع  ، أن معاوية  كتب إلى زيد  يسأله ، وكتب : أنها إذا دخلت في الحيضة الثالثة فقد بانت منه .  
قال  نافع   : وكان  ابن عمر  يقوله . 
 1918  - حدثنا يونس  ، قال أخبرنا  ابن وهب  ، أن  مالكا  ، أخبره ، قال قال  ابن شهاب   : سمعت  أبا بكر بن عبد الرحمن ،  يقول : ما أدركت أحدا من فقهائنا إلا وهو يقول هذا ، يريد الذي قالت  عائشة  يعني : الأقراء : الأطهار .  
وقالت طائفة : الأقراء : الحيض  وممن قال ذلك  أبو حنيفة  ، والثوري ،   وزفر  ،  وأبو يوسف  ، ومحمد  ، وروي ذلك عن  عمر بن الخطاب ،   وعلي بن أبي طالب ،   وابن مسعود ،  ومعاذ ،   وأبي الدرداء ،   وأبي موسى ،   وزيد بن ثابت  ،  وابن عمر  رضي الله عنهم . 
 1919  - حدثنا علي بن شيبة  ، قال حدثنا  يزيد بن هارون  ، قال حدثنا سفيان  ،  [ ص: 374 ] عن سعيد  ، عن  منصور  ، عن إبراهيم  ، عن علقمة ،  أن رجلا طلق امرأته فحاضت حيضتين ، فلما حاضت الثالثة ودخلت المغتسل أتاها زوجها ، فقال : قد ارتجعتك ، قد ارتجعتك ، ثلاثا ، فارتفعا إلى  عمر  ، فأجمع  عمر  ،  وعبد الله  على أنه أحق بها ما لم تحل لها الصلاة ، فردها  عمر  عليه .  
 1920  - حدثنا يونس  ، قال أخبرنا سفيان  ، عن  الزهري  ، عن  ابن المسيب  ، عن علي  ، قال : زوجها أحق بها ما لم تغتسل من الحيضة الثالثة ، .  
 1921  - حدثنا  المزني ،  قال حدثنا  الشافعي  ، قال حدثنا سفيان  ، قال : أخبرني  منصور  ، عن إبراهيم  ، عن علقمة ،  عن  عمر  ،  وعبد الله  رضي الله عنهما ، مثله ، . 
 1922  - حدثنا  المزني ،   (قال) حدثنا  الشافعي  ، قال : سمعت سفيان  ، يحدث عن  أيوب السختياني ،  عن  الحسن بن أبي الحسن  ، عن  أبي موسى ،  بمثل معناه . 
 1923  - حدثنا  ابن أبي داود  ، قال حدثنا الوهبي ،  قال حدثنا  محمد بن راشد ،  عن  مكحول ،  أنه قدم المدينة  فذكر له  سليمان بن يسار  ، أن  زيد بن ثابت  كان يقول : إذا طلق الرجل امرأته ، فرأت أول قطرة من دم حيضتها الثالثة ، فلا رجعة له عليها فسألت عن ذلك بالمدينة  ، فبلغني أن  عمر  ، ومعاذا ،  وأبا الدرداء  كانوا يجعلون له عليها الرخصة حتى تغتسل من الحيضة الثالثة .  
 1924  - حدثنا يونس  ، قال أخبرنا  ابن وهب  ، أن  مالكا  ، أخبره ، عن  نافع  ، أن  ابن عمر  ، كان يقول : إذا طلق العبد امرأته اثنتين فقد حرمت عليه حتى تنكح زوجا غيره حرة كانت أو أمة ، وعلى الحرة ثلاث حيض ، وعدة الأمة حيضتان .  
 [ ص: 375 ] فهذا  ابن عمر  قد قال في هذا خلاف ما روينا عنه في الفصل الأول . 
 1925  - حدثنا يونس  ، قال أخبرنا  ابن وهب  ، قال حدثني يونس  ، عن  ابن شهاب  ، قال : أخبرني  قبيصة بن ذؤيب ،  أنه سمع  زيد بن ثابت ،  يقول : الطلاق إلى الرجل ، والعدة إلى المرأة ، إن كان الرجل حرا وكانت المرأة أمة ثلاث تطليقات ، وتعتد عدة الأمة حيضتين ، وإن كان عبدا وامرأته حرة طلق طلاق العبد تطليقتين ، واعتدت الحرة ثلاث حيض ، .  
فهذا خلاف ما رويناه عن زيد  في الفصل الأول ولما اختلفوا في الأقراء المرادة في هذه الآية التي تلونا ، وكانت الأقراء اسما جامعا في اللغة تقع على الحيض دون الطهر ، وتقع على الطهر دون الحيض ، وتقع عليهما جميعا ، فيقال لكل واحدة من هذه المعاني الثلاثة : قرء كما حدثنا محمود بن حسان النحوي ،  قال حدثنا  عبد الملك بن هشام ،  عن أبي زيد النحوي ،  عن  أبي عمرو بن العلاء ،  قال : من العرب من يسمي الحيض قرءا ، ومنهم من يسمي الطهر قرءا ، ومنهم من يجمعهما جميعا فيسمي الحيض مع الطهر قرءا فأما ما ذكرنا من تسميتهم الحيض قرءا فقد جاء ذلك بلغة رسول الله صلى الله عليه وسلم . 
 1926  - كما حدثنا محمد بن عمرو بن يونس  ، قال حدثنا  يحيى بن عيسى ،  قال حدثنا  الأعمش  ، عن  حبيب بن أبي ثابت ،  عن  عروة ،  عن  عائشة  ، أن  فاطمة ابنة أبي حبيش  أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالت : يا رسول الله إني أستحاض فلا ينقطع عني الدم ، فأمرها أن تدع الصلاة أيام أقرائها ، ثم تغتسل ، وتتوضأ لكل صلاة ، ثم تصلي وإن قطر الدم على الحصير قطرا .  
فإن قال قائل : قد أنكر سفيان  على  يحيى بن آدم  احتجاجه عليه به ، وقال له حين احتج عليه به : قد جئتني بأحاديث  حبيب بن أبي ثابت ،  عن عروة . 
قيل له : هذا كلام ما ندري ما معناه غير أن حبيبا حجة ، إمام في العلم ، قد روى عمن هو أسن من  عروة ،  قد روى عن  ابن عمر  ،  وابن عباس  ، ولا نعلم أحدا دفعه عن  [ ص: 376 ] ذلك ، ولا عن غيره من حديثه ، غير ما ذكر عن سفيان  فيما حكيناه عنه ، ولم يقف على وجهه ، ولا على السبب الذي أنكره على يحيى  من أجله ثم قد رواه عن  عروة ،  عن ابن حبيب  كما : 
 1927  - حدثنا نصر بن مرزوق  ، قال حدثنا الخصيب بن ناصح ،  قال حدثنا  أبو عوانة  ، عن  هشام بن عروة  ، عن أبيه ، عن  عائشة  ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : المستحاضة تدع الصلاة أيام أقرائها ، وتغتسل غسلا واحدا ، وتتوضأ لكل صلاة ، .  
 1928  - حدثنا أحمد بن داود بن موسى  ، قال حدثنا  سهل بن بكار ،  قال حدثنا  أبو عوانة  ، عن  هشام ،  عن أبيه ، عن  عائشة  ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله . 
 1929  - حدثنا  الربيع المرادي  ، قال حدثنا شعيب بن الليث  ، قال حدثنا  الليث  ، عن  يزيد بن أبي حبيب ،  عن  بكير بن عبد الله  ، عن المنذر بن المغيرة  ، عن  عروة بن الزبير ،  أن  فاطمة ابنة أبي حبيش  حدثته ، أنها أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فشكت إليه الدم ، قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنما ذلك عرق يطرأ ، إذا أتاك قرء فصلي ، وإذا مر القرء فتطهري ، ثم صلي من القرء إلى القرء ، .  
 1930  - حدثنا  يوسف بن يزيد  ، قال حدثنا  أبو الأسود  ، قال حدثنا  الليث  ، وذكر مثل حديث الربيع ،  عن شعيب  في إسناده ومتنه مع أنه قد وجدنا غير  عروة  قد روى هذا الحديث عن  عائشة  على مثل ما رواه  عروة  عنها . 
 1931  - حدثنا محمد بن النعمان ،  قال حدثنا  الحميدي ،  قال حدثنا  عبد العزيز بن أبي حازم ،  قال : حدثني  ابن الهاد  ، عن  أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ،  عن  عروة ،  عن  عائشة  ، أن أم حبيبة ابنة جحش  كانت تحت  عبد الرحمن بن عوف  ، وأنها استحيضت حتى لا تطهر ، فذكرت شأنها لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : ليست  [ ص: 377 ] بالحيضة ولكنها ركضة من الرحم ، لتنظر قدر قرئها الذي كانت تحيض له فلتترك ، ثم لتنظر ما بعد ذلك فلتغتسل عند كل صلاة وتصلي .  
فهذه أحاديث كثيرة متواترة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثل ما في حديث حبيب  عن  عروة  بما ذكرنا ، ولا نعلم وجها يجب أن ينكر به هذا الحديث . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					