قال  أبو جعفر   : وينبغي لمن يسعى بين الصفا  والمروة  أن يرمل في بطن السيل ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك فعل في طوافه لحجته .  
 1355  - فيما حدثنا  الربيع بن سليمان المرادي  ، قال حدثنا أسد  ، قال حدثنا  حاتم بن إسماعيل  ، قال حدثنا  جعفر بن محمد  ، عن أبيه ، عن  جابر بن عبد الله  ، في حجة النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه لما فرغ من طوافه خرج من الباب إلى الصفا  ، فلما دنا من الصفا  قرأ ( إن الصفا والمروة من شعائر الله   ) ، فبدأ بالصفا ، فرقى عليه حتى رأى البيت ، فوحد الله عز وجل ، وكبره ، ثم قال : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير ، لا إله إلا الله ، أنجز وعده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده ، ثم دعا بين ذلك ، فقال مثل هذا ثلاث مرات ، ثم نزل إلى المروة  حتى انتصبت قدماه ، رمل في بطن الوادي حتى إذا صعد مشى حتى أتى المروة  ، ففعل على المروة  كما فعل على الصفا   .  
وجميع ما ذكرنا في هذه الثلاثة الفصول هو قول  أبي حنيفة  ،  ومالك ،   وسفيان الثوري ،   وزفر  ،  وأبي يوسف  ، ومحمد  ،  والشافعي ،  وسائر أهل العلم سواهم غير أنه قد روي عن  عبد الله بن عمر  اختلاف في الرمل في بطن الوادي فأما كثير بن جهمان  فروي عنه في ذلك ما : 
 1356  - قد حدثنا محمد بن خزيمة  ، قال حدثنا  حجاج بن منهال  ، قال حدثنا  حماد بن سلمة  ، عن  عطاء بن السائب ،  عن كثير بن جمهان ،  قال : رأيت  ابن عمر  يمشي في  [ ص: 117 ] بطن المسيل ، فقلت : تمشي وتأمر الناس بالسعي ؟ فقال  ابن عمر   : إن أمشي فقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي ، وإن أسع فقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمر يسعيان .  
قال  أبو جعفر   : ففي هذا الحديث مشى  ابن عمر  في بطن المسيل ، وأمره الناس بالسعي فيه ، وذكره عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن  عمر  ما ذكره عنهما فيه . 
وذلك محتمل عندنا أن يكون كان مذهبه أن لا فضل في ذلك للسعي على المشي . 
ويحتمل أن يكون علم أن النبي صلى الله عليه وسلم سعى في بعض ذلك ، ومشى في بعضه . 
وأما أبو بكر بن عبد الله المزني  فروي عنه في ذلك ما : 
 1357  - قد حدثنا محمد بن خزيمة  ، قال حدثنا  حجاج بن منهال  ، قال حدثنا  حماد بن سلمة  ، عن  حميد  ، عن بكر ،  أن  عمر  كان يسعى من لدن سكة محمد بن عباد بن رفاق بن ساع .   
 1358  - وما قد حدثنا محمد بن خزيمة  ، قال حدثنا حجاج  ، قال حدثنا حماد  ، عن  حميد  ، عن بكر ،  أن  ابن عمر  ، قال : إني لأسعى ، وإني لأظن أني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم أو  عمر  يسعى .  
ففي حديثي  بكر بن عبد الله  هذين عن  ابن عمر  أنه كان يسعى ، وذلك خلاف ما رواه كثير بن جمهان  عنه مما ذكرنا وفي أحدهما أيضا أنه يظن أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم أو  عمر  يمشي ، فذلك على ما لا حقيقة فيه عنده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا  عمر   . 
ثم رجعنا إلى طلب الحقيقة ما كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك ، فوجدنا في حديث  جابر بن عبد الله  الذي قد رويناه في هذا الفصل ، أن رسول الله صلى  [ ص: 118 ] الله عليه وسلم رمل في ذلك ، فكان ما روي عن جابر  في هذا أولى مما روي عن غيره ، وليس لأحد ترك شيء فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجته ، إذ كان قد أمر الناس أن يأخذوا مناسكهم من أقواله وأفعاله  كما : 
 1359  - قد حدثنا  يزيد بن سنان  ، قال حدثنا  أبو عاصم  ، قال أخبرنا  سفيان الثوري  ، عن  أبي الزبير  ، عن  جابر بن عبد الله  ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال في حجة الوداع : لتأخذ أمتي مناسكها ، فإني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا .  
ووجدنا حبيبة ابنة أبي تجرأة  قد روت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم من فعله ، ثم ذكرته عنه من قوله كما : 
 1360  - حدثنا  إبراهيم بن مرزوق  ، قال حدثنا معاذ بن هانئ ،  قال حدثنا عبد الله بن المؤمل ،  قال حدثنا عمر بن عبد الرحمن بن محيصن ،  عن  عطاء بن أبي رباح  ، قال : حدثتني  صفية ابنة شيبة ،  عن امرأة يقال لها : حبيبة ابنة تجرأة ،  قالت : دخلنا دار أبي حسين ،  ومعي نسوة من قريش ،  والنبي صلى الله عليه وسلم يطوف بالبيت حتى أن ثوبه ليدور به ، وهو يقول لأصحابه : اسعوا . فإن الله جل وعز كتب عليكم السعي .  
ففي هذا الحديث حضور حبيبة  أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه بالسعي ، وإخباره إياهم أن الله عز وجل قد كتبه عليهم وذلك عندنا - والله أعلم - هو السعي الذي ذكرنا قبل هذا ، لأن الطواف بالبيت لا سعي فيه وقد بين ذلك ، ودل عليه ما : 
 1361  - قد حدثنا محمد بن خزيمة  ، قال حدثنا  حجاج بن منهال  ، قال حدثنا حماد  ، قال أخبرنا بديل بن ميسرة العقيلي ،  عن  صفية ابنة شيبة ،  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسعى في المسيل وهو يقول : لا يقطع الأبطح إلا شدا ،  ولم يتجاوز به حماد   صفية   . 
 [ ص: 119 ] فعقلنا بحديث حماد  هذا أن السعي المراد في حديث ابن محيصن  الذي ذكرناه قبل هذا هو السعي في بطن المسيل . 
				
						
						
