ولما اضطرب هذا الحديث وقد ذكرنا صلاة القاعد ، أردنا أن ننظر في كيفيتها ، فوجدنا أهل العلم في ذلك على أقوال . 
أما أحدها وهو مذهب  أبي حنيفة ،   وأبي يوسف ،  ومحمد ،  فإنه يصلي متربعا ، ثم يركع في تربعه ، فإذا أراد السجود حل تربعه وسجد . 
وأما أحدها أيضا ، فإنه يقعد فيها كما يقعد في التشهد في الصلاة ، وممن قال ذلك منهم  زفر .  
وأما أحدها أيضا فإنه يصلي متربعا ، فإذا أراد الركوع حل تربعه ثم ركع ، وقد روي هذا القول عن  زفر  أيضا . 
ولما اختلفوا في ذلك نظرنا في الآثار المروية في ذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم نجد فيها إلا ما : 
 449  - حدثنا  ابن أبي داود ،  قال : حدثنا  يحيى بن عبد الحميد ،  قال : حدثنا  شريك بن عبد الله النخعي ،  عن إبراهيم بن مهاجر ،  عن  مجاهد ،  عن مولى السائب ،  عن السائب ،  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم غير متربع " .  
فلو ثبت لنا هذا الحديث كرهنا أن يصلي الرجل متربعا ، ولكنه حديث لم يثبت ، لما بين  مجاهد  وبين السائب ،  ولما يتكلمون فيه من ضعف ابن مهاجر ،  وقد رواه من هو نظير ابن مهاجر ،  وهو  ليث بن أبي سليم  فلم يتجاوز به مجاهدا .  
 450  - حدثنا  يوسف بن يزيد ،  قال : حدثنا عبد الرحمن بن شيبة الخدري ،  قال : حدثنا شريك ،  عن إبراهيم يعني ابن مهاجر ،  عن مولاه السائب ،  عن  عائشة  رضي الله عنها ، رفعته قالت : " صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم غير متربع   " . 
 451  - حدثنا سليمان بن شعيب ،  قال : حدثنا الخصيب ،  قال : حدثنا  المعتمر بن سليمان ،  عن ليث ،  عن  مجاهد ،  قال : " الصلاة قاعدا على النصف من صلاة غير المتربع   " .  [ ص: 234 ] ولما لم يثبت لنا في هذا شيء عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نظرنا فيما روي عن أصحابه فيه فإذا سليمان قد حدثنا ، قال : 
 452  - حدثنا الخصيب ،  قال : حدثنا  عبد العزيز بن مسلم القسملي ،  عن الحصين ،  عن الهيثم بن شهاب ،  قال : قال  عبد الله :   " لأن أجلس على رضفتين أحب إلي من أن أتربع في الصلاة " . 
وكان هذا مما احتج به من كره الصلاة متربعا ،  وقد يجوز أن يكون إنما أراد بذلك التربع في التشهد بغير علة . 
 453  - وقد حدثنا  ابن أبي داود ،  قال : حدثنا  يوسف بن عدي ،  قال : حدثنا  عباد بن عباد المهلبي ،  عن  عاصم ،   وهشام بن حسان ،  عن  الحسن ،  عن أمه ، أنها " رأت  أم سلمة  تصلي متربعة من رمد كان بها "   . 
فهذه  أم سلمة  قد كانت تصلي متربعة ، ولا نعلم عن أحد من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خلافا لها في ذلك ، إلا ما قد ذكرناه عن  ابن مسعود  مما قد يحتمل ما قد ذكرناه فيه . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					