المسألة الثامنة  
إذا اتبع العامي بعض المجتهدين في حكم حادثة من الحوادث وعمل بقوله فيها : اتفقوا على أنه ليس له الرجوع عنه في ذلك الحكم   بعد ذلك إلى غيره  [1] ، وهل له ذلك في حكم آخر ؟ اختلفوا فيه :  
فمنهم من منع منه ، ومنهم من أجازه ، وهو الحق نظرا إلى ما وقع عليه إجماع الصحابة من تسويغ استفتاء العامي لكل عالم في مسألة ، وأنه لم ينقل عن أحد من السلف الحجر على العامة في ذلك ، ولو كان ذلك ممتنعا لما جاز من الصحابة إهماله والسكوت عن الإنكار عليه ، ولأن كل مسألة لها حكم لم يتعين الأول للاتباع في المسألة الأولى إلا بعد سؤاله ، فكذلك في المسألة الأخرى .  
وأما إذا عين العامي مذهبا معينا كمذهب   الشافعي  أو  أبي حنيفة  أو غيره وقال : أنا على مذهبه وملتزم له ، فهل له الرجوع إلى الأخذ بقول غيره في مسألة من المسائل ؟ اختلفوا فيه : فجوزه قوم نظرا إلى أن التزامه لمذهب غير ملزم له ، ومنع من ذلك آخرون ؛ لأنه بالتزامه المذهب صار لازما له كما لو التزم مذهبه في حكم حادثة معينة .  
والمختار إنما هو التفصيل ، وهو أن كل مسألة من مذهب الأول اتصل عمله بها ، فليس له تقليد الغير فيها ، وما لم يتصل عمله بها فلا مانع من اتباع غيره فيها .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					