[ ص: 328 ] المسألة السابعة  
لا نعرف خلافا بين القائلين بالعموم ، والمفهوم أنه يجوز  تخصيص العموم بالمفهوم   ، وسواء كان من قبيل مفهوم الموافقة أو من قبيل مفهوم المخالفة حتى إنه لو قال السيد لعبده : كل من دخل داري فاضربه ، ثم قال : إن دخل زيد داري فلا تقل له : أف ، فإن ذلك يدل على تحريم ضرب زيد وإخراجه عن العموم ، نظرا إلى مفهوم الموافقة وما سيق له الكلام من كف الأذى عن زيد ، وسواء قيل إن تحريم الضرب مستفاد من دلالة اللفظ أو من القياس الجلي على اختلاف المذاهب في ذلك كما يأتي .  
وكذا لو ورد نص عام يدل على وجوب الزكاة في الأنعام كلها ، ثم ورد قوله - صلى الله عليه وسلم - : "  في الغنم السائمة زكاة     " ، فإنه يكون مخصصا للعموم بإخراج معلوفة الغنم عن وجوب الزكاة بمفهومه .  
وإنما كان كذلك ؛ لأن كل واحد من المفهومين دليل شرعي ، وهو خاص في مورده فوجب أن يكون مخصصا للعموم ، لترجح دلالة الخاص على دلالة العام كما سبق تقريره .  
فإن قيل : المفهوم ، وإن كان خاصا وأقوى في الدلالة من العموم إلا أن العام منطوق به ، والمنطوق أقوى في دلالته من المفهوم لافتقار المفهوم في دلالته إلى المنطوق ، وعدم افتقار المنطوق في دلالته إلى المفهوم .  
قلنا : إلا أن العمل بالمفهوم لا يلزم منه إبطال العمل بالعموم مطلقا ، ولا كذلك بالعكس .  
ولا يخفى أن الجمع بين الدليلين ، ولو من وجه أولى من العمل بظاهر أحدهما وإبطال أصل الآخر .  
				
						
						
