ذكر الوضوء بسؤر الحائض والجنب  
اختلف أهل العلم في الوضوء بسؤر الحائض والجنب، فرخصت فيه فرقة وكره ذلك آخرون، وممن كان لا يرى [ بالوضوء ] بسؤرهما بأسا الحسن،  ومجاهد،   والزهري،  ومالك،   والأوزاعي،  وسفيان،   والشافعي،  وأحمد،  وأبو عبيد،  والنعمان،  ويعقوب  ومحمد  وهو قول عوام أهل العلم. 
ورخص في سؤرهما أن يشرب: الحسن،   والشعبي،  وكثير من  [ ص: 409 ] أهل العلم، وروينا عن  النخعي  أنه كان يكره فضل شراب الحائض، ولا يرى بفضل وضوئها بأسا، ويكره فضل شراب الجنب ووضوئه، وكان  النخعي  يقول: إذا وقع البزاق في الماء، أهريق الماء، وروي عن  جابر بن زيد  أنه سئل عن سؤر المرأة الحائض، هل يتوضأ منه للصلاة؟ فقال: لا. 
قال  أبو بكر:  وبالأخبار الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم [ الدالة ] على طهارة سؤر الحائض والجنب نقول. 
 211  - حدثنا  إسحاق  ، عن  عبد الرزاق،  عن  الثوري،  عن المقدام بن شريح بن هانئ،  عن أبيه،  عن  عائشة،  قالت: كنت أشرب في إناء وأنا حائض، [ فيأخذه ] النبي صلى الله عليه وسلم [ فيضع ] فاه على موضع في فيشرب، وكنت آخذ العرق فأنتهش منه، ثم يأخذه مني فيضع فاه على موضع في، فينتهش منه. 
 [ ص: 410 ] قال  أبو بكر:  فدل هذا الحديث على طهارة البزاق، وعلى طهارة سؤر الحائض،  ودل قول النبي صلى الله عليه وسلم:  "إن المؤمن لا ينجس"، لما أهوى إلى حذيفة  فقال: إني جنب، فقال:  "إن المسلم ليس بنجس"، على طهارة الجنب، وطهارة سؤره،  ويدل على طهارة الحائض سوى موضع الأذى، قول النبي  لعائشة:   "ناوليني الخمرة" . 
 212  - حدثنا  علي بن الحسن،  نا عبد الله بن الوليد،  عن  سفيان الثوري،  عن  الأعمش،  عن ثابت بن عبيد،  عن القاسم،  عن  عائشة،  أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: "ناوليني الخمرة" قالت: إني حائض، قال: "إنها ليست في يدك"  . 
وثابت عن  عائشة  أنها كانت ترجل النبي وهي حائض، وكان يضع  [ ص: 411 ] رأسه في حجرها، وهي حائض، فيقرأ القرآن، فكل هذه [ الأخبار ] تدل على طهارة سؤر الحائض.  
قال  أبو بكر:  وقد روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم أخبارا ثابتة تدل على طهارة [ البزاق ] وذلك بالإجماع، إلا ما انفرد به  النخعي،  وأنا ذاكر الأخبار في ذلك في كتاب الصلاة. 
				
						
						
