مسألة 
اختلف أهل العلم في الرجل يشتري من الرجل الثوب يشترط المشتري في عقد البيع على البائع أن عليه خياطته أو قصارته أو يشترط إن كان طعاما على البائع طحنه   . 
فقالت طائفة : البيع باطل ، لأن هذا بيع وإجارة ، ولا يعلم حصة الإجارة من ثمن السلعة . 
كذلك قال  الشافعي  ،  والثوري  ،  وأبو ثور   . 
وقالت طائفة : إذا اشترط أحد هذه الثلاثة الأشياء فالبيع جائز ، فإن اشترط شيئين مثل خياطته وقصارته فالبيع باطل ، لأن هذا من شرطين في بيع . هكذا قال أحمد  ، وإسحاق   .  [ ص: 340 ] 
ولمالك  رحمه الله في هذا الباب أجوبات مختلفة : قال  مالك   : إذا اشترى السمسم والفجل والزيتون على أن على البائع عصره فهو مكروه ، وكذلك القمح يشتريه على أن على البائع حصاده ودياسه وذريه يشتريه زرعا قائما لا خير فيه . 
وقال  مالك   : لو ابتاع من رجل ثوبا على أن يخيطه له لم أر بذلك بأسا . ولو ابتاع قمحا على أن يطحنه قال : فيه مغمز وأرجو أن يكون خفيفا . 
وحكي عنه أنه قال في الرجل يبيع ولد جاريته ويشترط أن أمه ترضعه سنة قال : إذا كان إذا أعجلت الأم أو ماتت أخلف للمشتري من يتم له رضاعه رأيت ذلك جائزا . 
قال  أبو بكر   : هذا مع ما فيه من جهل البائع والمشتري بحصة الثمن من حصة الإجارة ، إجازة للتفريق بين الوالدة وولدها (في البيع ، وهذا غير جائز للحديث الذي روينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال :  "من فرق بين الوالدة وولدها) فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة  " . 
وقال أصحاب الرأي   : إذا اشترى طعاما بطعام أو بغيره مما يكال أو يوزن فاشترط  [ ص: 341 ] عليه أن يوفيه إياه في منزله ، وهما في المصر الذي فيه المنزل ، فذلك جائز ما خلا الطعام ، فإنه قد أخذ طعام بطعام فضل فلا خير فيه . وكذلك لو اشترط عليه أن يوفيه إياه في منزله غير أنا نستحسن في هذا خصلة واحدة إذا كان في مصر واحد ، واشترط عليه أن يوفيه إياه في منزله فلا بأس به ، وهذا قول أبي حنيفة  وأبي يوسف  ومحمد  وحكى  أبو ثور  عنهم أن ذلك إذا كان خارجا من المصر لم يجز . وقال  أبو ثور   : إذا اشترى منه طعاما على أن يوفيه في منزله ، فالبيع جائز وعليه حمله إلى منزله ، وهذا بمنزلة السلم . 
قال  أبو بكر   : كل هذا غير جائز إذا اشترط في عقد البيع ، وذلك أن الأثمان لا تجوز عند أهل العلم إلا معلوما ، فإذا اشترط على البائع عملا أضيف إلى البيع ولم يميز حصة العمل من الثمن كان الثمن مجهولا وفسد البيع . 
واختلفوا في الرجل يبيع الشاة ويستثني رأسها أو جلدها . 
فقالت طائفة : لا يجوز ذلك ولا يستثني منها رأسا ولا غيره . كذلك قال  الشافعي  ، وحكى  الثوري  أنه قال : إذا اشترط رأسها في البيع فالبيع فاسد . وكان  مالك  لا يرى بأسا أن يستثني من لحمها أرطالا يسيرة ، ويكره أن يشترط أرطالا كثيرة ، وقال : لا يجوز أن يستثني جلد الشاة في القرى حيث يكون للجلود ثمن ، لأن ذلك غرر ، ولا بأس أن يشترط بائعها إهابها بالفلوات والطرق ، وحيث لا يكون لذلك الجلد  [ ص: 342 ] مشتر ، ولا يكون فيه كثير غرر . وقال  مالك  رحمه الله : لا بأس أن يبيع الرجل الشاة ويستثني رأسها وأكارعها أو ثلثها أو ربعها . وقال  الأوزاعي   : إذا قال : أبيعك هذه الشاة ولي يدها أو رجلها إذا أخذ في ذبحها عند البيع ، فإن كان فيه تأخير فإني أكرهه ، وكره أن يستثني من لحمها أرطالا . وقيل  لأحمد بن حنبل   : باع بقرة واشترط رأسها ، ثم بدا له فأمسكها فقضى زيد  بشروى رأسها ، قال : أقول : هكذا يكون شريكا في البقرة ، فيقوم الرأس مع اللحم فيكون له بقدر الرأس ، والبيع جائز ، وكذلك قال  إسحاق   . 
 8153  - حدثنا  علي بن الحسن  ، قال : حدثنا عبد الله  ، عن سفيان  ، عن جابر  ، عن  الشعبي  ، عن زيد  ، وأصحاب النبي عليه السلام في رجل باع بهيمة واشترط رأسها  فقضى زيد  بشروى الرأس على المشتري  . 
قال  أبو بكر   : جابر  متروك الحديث ،  والشعبي  لم يلق زيدا  ، وروي عن شريح  رحمه الله أنه قضى بمثل ذلك بشروى .  [ ص: 343 ] 
				
						
						
