ذكر إثبات أمر القافة   . 
 6633  - حدثنا إسحاق بن إبراهيم  ، قال : أخبرنا  عبد الرزاق،  قال : أخبرنا  ابن جريج ،  قال : أخبرنا  ابن شهاب  ، عن عروة  ، عن  عائشة   : "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليها مسرورا تبرق أسارير وجهه ، فقال : ألم تسمعي ما قال مجزز المدلجي  بزيد  وأسامة  فقال : إن هذه الأقدام بعضها من بعض " . 
 6634  - حدثنا  إسحاق  ، عن  عبد الرزاق ،  عن  الثوري ،  عن  عبد الكريم الجزري،  عن زياد  قال : كنت مع  ابن عباس  فجاءه رجل - أظنه من بني كرز   - فرأى  ابن عباس  يسب الغلام أو أمه فتناوله فقال : إنه [لابنك ] .  قال : فدعاه  ابن عباس  وجعل أمه على راحلة ، وكان  ابن عباس  انتفى منه . 
 6635  - وأخبرنا الربيع  قال : أخبرنا  الشافعي  قال : أخبرنا ابن علية  ، عن حميد  ، عن أنس  ، أنه شك في ابن له فدعا له القافة . 
قال  أبو بكر :  وممن قال بإثبات أمر القافة :  عطاء بن أبي رباح  ويزيد بن عبد الملك  ، وبه قال  مالك بن أنس ،   والأوزاعي   والشافعي،   [ ص: 138 ]  وأحمد بن حنبل،   وأبو ثور   . وقال  عطاء بن أبي رباح   : تداول ثلاثة من التجار جارية فولدت ، فدعا  عمر بن الخطاب  القافة ، فألحقوه بأحدهم . 
وقال  مالك   : العمل بالقافة  من الأمر القديم المأخوذ به . 
وقال  الشافعي   : ولا يقبل القائف الواحد حتى يكون أمينا ، ولا أكثر منه حتى يكونوا أمناء  ، فإذا أحضرنا القائف والمتداعيين للولد وذوي أرحامهم أحضرنا احتياطا أقرب الناس نسبا وشبها في الخلق والسن والبلد به بالمتداعيين له ، ثم فرقنا بين المتداعيين وأمرنا القائف يلحقه بأبيه أو أقرب الناس بأبيه إن لم يكن له أب - يعني  الشافعي   : إن كان قد مات الأب - وإن كانت معه أم أحضرنا لها نسبا في القرب منها كما وصفت ثم بدأنا فأمرنا القائف أن يلحقه بأمه (لا) لأن للقائف في الأم معنى و (لكن) يستدل به على صوابه في الأب إن أصاب (منها) ويستدل غيره إن أخطأ فيها . 
 6636  - ومن حديث  يزيد بن هارون  ، عن عبد الملك بن سليمان ،  عن  أنس بن سيرين  قال : دخلت أنا وإخوتي على  زيد بن ثابت  فقال : لإنكم إخوة : هذا وهذا لأم ، وهذا لأم . فما أخطأ . 
واختلف الذين قالوا بالقافة ، في القائف يقول : هو ابنهما   :  [ ص: 139 ] فقالت طائفة : يكون ابنهما يرثهما ويرثانه . 
 6637  - حدثنا محمد بن بكر بن ثوبة  قال : حدثنا بندار  ، قال : حدثنا  وهب بن جرير  ، قال : حدثنا  شعبة  ، عن توبة العنبري  ، عن  الشعبي،  عن  ابن عمر  قال : اشترك رجلان في طهر امرأة ، فولدت فدعا عمر  بقافة   . فقالوا : قد أخذ الشبه منهما جميعا ، قال : فجعله عمر  بينهما . 
 6638  - وحدثنا محمد بن نصر  ، قال : حدثنا  إسحاق بن راهويه ،  قال : أخبرنا  يزيد بن هارون ،  قال : أخبرنا  همام بن يحيى  ، عن  قتادة ،  عن  سعيد بن المسيب  ، أن رجلين اشتركا في طهر امرأة ، فولدت غلاما ، فارتفعا إلى عمر ، فدعا ثلاثة من القافة  فدعوا بتراب فوطئه الرجلان والغلام ، فقال أحدهم لعمر  حين قال : انظر ، فنظر فاستقبل واستدبر واستعرض ، ثم قال : أأسر أم أعلن ؟ فقال : أسر . فقال : أخذ الشبه منهما فلا أدري من أيهما هو . ثم قال للآخر : انظر ، فنظر فاستقبل واستعرض واستدبر ، ثم قال : أأسر أم أعلن ؟ فقال : بل أسر . فقال : أخذ الشبه منهما فلا أدري من أيهما هو . ثم قال للثالث : انظر فنظر ، فقال : أأسر أم أعلن ؟ فقال : أعلن . فقال : أخذ الشبه منهما ، ولا أدري من أيهما هو . فقال عمر   : إنا نقوف الآثار . يردد ذلك ثلاث مرات ، وكان قائفا فورثه منهما وورثهما منه ، ثم قال سعيد : أتدري من عصبته ؟ فقلت : لا . قال : الباقي منهما .  [ ص: 140 ] 
قال  أبو بكر :  وممن قال بظاهر خبر عمر  أنه يكون ابنهما يرثهما ويرثانه :  أبو ثور   . 
وقالت طائفة : إذا كان الولد كبيرا قيل له : انتسب إلى أيهما شئت ، وإن كان صغيرا انتظر به حتى يكبر فينتسب إلى أيهما شاء ، وكذلك إن قالت القافة : أخذ الشبه منهما . هذا قول  الشافعي  آخر قوليه بمصر  ، وقد كان قبل ذلك يقول بنحو من خبر  زيد بن أرقم   . 
 6639  - أخبرنا الربيع،  قال : أخبرنا  الشافعي،  قال : أخبرنا  أنس بن عياض  ، عن  هشام بن عروة  ، عن أبيه ، عن يحيى بن عبد الرحمن بن [حاطب ]  أن رجلين تداعيا ولدا ، فدعا عمر  له القافة  فقالوا : قد اشتركا فيه . فقال له عمر   : والي أيهما شئت . 
 6640  - وحدثنا محمد بن نصر  ، قال : حدثنا إسحاق بن إبراهيم  ، قال : أخبرنا  أبو أسامة ،  قال : حدثنا  هشام بن عروة ،  عن أبيه ، عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب  ، عن أبيه ، أن رجلين اختصما إلى  عمر بن الخطاب  في غلام يدعيانه . فقال عمر  للغلام : اتبع أيهما شئت .   [ ص: 141 ] 
قال  أبو بكر :  وقد قال بقول القافة  مالك  ،  والليث بن سعد ،   والأوزاعي  ،  والشافعي،  وأحمد ،   وأبو ثور،  وجماعة أهل الحديث ، واستعمل بعضهم في هذا الباب خبر  زيد بن أرقم .  
حدثني ابن توبة  ، عن إسحاق بن منصور ،  قال : قلت - يعني لأحمد   - حديث  زيد بن أرقم  أن ثلاثة وقعوا على امرأة في طهر ؟ قال : حديث عمر  في القافة أعجب إلي . قال  إسحاق   : السنة في هذا رواية  زيد بن أرقم  لما صح ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . 
 6641  - حدثنا يحيى بن محمد ،  قال : حدثنا مسدد،  قال : حدثنا خالد بن عبد الله  ، قال : حدثنا أجلح بن عبد الله ،   [عن ] عامر  ، عن عبد الله بن الخليل الحضرمي  ، عن  زيد بن أرقم  ، أن عليا  بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم فارتفع إليه ثلاثة يتنازعون بعين ولدا ، كلهم يزعم أنه ابنه  فخلا باثنين فقال : أتطيبا نفسا لهذا الباقي بالولد ؟ قالا : لا . وخلا باثنين [فقال ] لهما مثل ذلك ، فقالا : لا ، قال : أراكم شركاء متشاكسون ،  [ ص: 142 ] فإنا نقرع بينكم فمن أصابته القرعة كان له الولد ، فأقرع بينهم فجعله لأحدهم وأغرمه ثلثي الدية للباقين ، فقدم على النبي صلى الله عليه وسلم رجل فأخبره ، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه . 
 6642  - وحدثنا محمد بن نصر  ، قال : حدثنا  يحيى بن يحيى  ، قال : أخبرنا هشيم  ، عن الأجلح  ، عن عامر  ، عن  أبي الخليل  ، عن  زيد بن أرقم  أن عليا  حين كان باليمن  أتي بثلاثة رهط اشتركوا في ولد ، فأقرع بينهم ، وضمن الذي أصابته القرعة ثلثي الدية لصاحبيه وجعل الولد له ، فقدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته [بقضاء ] علي فضحك حتى بدت نواجذه .  
وكان  أبو ثور  يقول : إذا وقتتا البينتين نظرت في الوقتين وإلى الصبي ، فإن كان سن الصبي دون أحد الوقتين فكان سنا أبطلت البينة وقضيت به للأخرى ، وإن كانا مشكلين قضيت بالقافة . 
وقال أصحاب الرأي في المشكل : يقضى به لهما . 
وقال  أبو ثور  وأصحاب الرأي : إذا كان صبي في يد رجل ، فادعته امرأة أنه ابنها ، وأقامت شاهدين على ذلك  ، فإني أقضي به للمرأة ، فإن كان الذي هو في يده يدعيه لم يقض له به .  [ ص: 143 ] 
قال  أبو بكر :  وأقل ما نقبل على الولادة شهادة أربع نسوة   . وهذا قول عطاء  ،  والشعبي،   وقتادة،   والشافعي  ، وأبي ثور . 
قال  أبو بكر :  وإذا لم يكن للمرأة المدعية إلا امرأة تشهد على الولادة لم يقض لها به ، وإن كان الرجل الذي في يديه يدعيه أنه ابنه ، أو لا يدعيه وشهد أربع نسوة عدول على ولادتها ، قضي به للمرأة ؛ لأن ولادتها قد ثبتت . 
وقال أصحاب الرأي : إذا كان الذي هو في يديه لا يدعيه قضينا به للمرأة ، وإن ادعى الذي في يديه أنه عبده وليس بلقيط كان عبده ، ولا يقضى به للمرأة بشهادة امرأة واحدة . 
وكان  أبو ثور  يقول : إذا كان العبد في يد رجل ، فادعاه رجل آخر أنه عبده ولد في ملكه ، وأنه أعتقه ، وأقام الذي في يده العبد أنه عبده ولد في ملكه ببينة قضي به للذي هو في يده . 
وقال أصحاب الرأي : يقضى به للذي أعتقه . 
قال  أبو بكر :  وقول  أبي ثور  أصح ؛ لأن الذي يدعيه إذا لم يثبت له لم يثبت عتقه ، وهو يقول لو لم يذكر المدعي أنه أعتقه لم يحكم له به ، فإذا لم يثبت له ملك لم يجز عتقه . 
قال  أبو بكر :  وإذا كان عبد في يد رجل ، فأقام رجل البينة أنه ابنه من أمته هذه ، وأقام الذي هو في يديه البينة أنه عبده ولد في ملكه ، فإنه يقضى به للذي في يديه ، في قول  أبي ثور   .  [ ص: 144 ] 
وقال أصحاب الرأي : يحكم به للمدعي للحرية . 
وقال  أبو ثور  وأصحاب الرأي : إذا كان الصبي في يد امرأة ، فأقامت امرأة أخرى امرأة واحدة أنه ابنها وادعت ذلك ، وأقامت الذي هو في يديها امرأة واحدة أنه ابنها وادعته ، فإنه للذي هو في يديها ، وقالوا جميعا : ولو شهد لكل واحد منهما رجلان قضيت به للذي هو في يديها ، ولو لم يشهد للذي هو في يديها إلا امرأة وشهد للمدعية رجلان قضي به للمدعية . 
وقال  أبو ثور  ، وأصحاب الرأي : لو أن رجلا وامرأة في أيديهما صبي يدعيانه جميعا أنه ابنهما ، وادعى آخر أنه ابنه من امرأته هذه وأقام عليه البينة ، وشهد للذي الصبي في أيديهما امرأة واحدة  قضي به للذي أقام البينة . 
وقال  أبو ثور   : وإذا كان الصبي في يدي ذمي ويدعي أنه ابنه ، وأقام رجل مسلم شاهدين مسلمين أنه ابنه ولد على فراشه ، وأقام الذي هو في يديه شاهدين من أهل الذمة أنه ابنه ولد على فراشه ، فإني أقضي به للمسلم ولا تجوز شهادة أهل الذمة ، ولو شهد للمسلم لم أقض له بشيء ، وكان للذي هو في يديه ولو كان شهود الذمي مسلمين قضي به للذمي . 
وقال أصحاب الرأي : يقضى به للمسلم وكذلك لو كان شهود المسلم من أهل الذمة ، وإن كان شهود المسلم من أهل الذمة وشهود الذمي مسلمين قضي به للذي هو في يديه .  [ ص: 145 ] 
قال  أبو بكر :  ولو أن رجلا وامرأة في أيديهما صبي ، فقال الرجل : هو ابني من زوجتي فلانة وهي غائبة ، وقالت المرأة : هو ابني من زوجي فلان لرجل آخر وهو غائب ، وأقام كل واحد منهما البينة على ذلك ، فإن أبا ثور قال : أجعله ابن الرجل ولا ألحقه بالمرأة الذي ادعى ، لأنها ليست حاضرة تدعيه ، وكذلك أجعله ابن المرأة ولا ألحقه بالرجل الذي ادعت أنه منه وهو غائب ليس يدعي . 
وقال أصحاب الرأي : نجعله ابن الرجل من المرأة وابن المرأة من الرجل . 
واختلفوا في صبي لقيط في يد رجل مسلم فادعى رجل مسلم أنه ابنه من امرأته هذه الحرة ، وأقام على ذلك بينة  ، فإن الصبي يرى القافة مع هؤلاء ؛ لأن الشهود قد كذب بعضهم بعضا فمن ألحقوه فهو ابنه وهذا قول  أبي ثور   . 
وفيه قول ثان : وهو أن يقضى بالصبي للحر دون المكاتب والعبد ؛ لأن هذا عتق في الأصل . هذا قول أصحاب الرأي . 
قال  أبو بكر :  إذا كان الصبي في يد رجل ، فادعى عبد أنه ابنه ولد على فراشه من هذه الأمة ، وادعاه مكاتب أنه ابنه ولد على فراشه من هذه المكاتبة ، وأقام كل واحد منهما على ذلك بينة ، فإن هذا يرى القافة في قول  أبي ثور  ، فبأيهما ألحقوه لحق به . 
وقال أصحاب الرأي : نجعله للمكاتب .  [ ص: 146 ] 
قال  أبو بكر :  ولم يفزع إلى حجة ولو شاء قائل أن يقول : يجعله للعبد ما كان بين القولين فرق . 
وقال  أبو ثور   : ولو ادعاه يهودي ونصراني ومجوسي وأقام كل واحد منهما بينة أنه ابنه ولد على فراشه ، فإنه يرى القافة ويلحق بمن ألحقوه به . 
وقال أصحاب الرأي : نجعله ابن اليهودي والنصراني . 
قال  أبو بكر :  وليس عنده بين اليهود والنصارى والمجوس في شيء من الأحكام فرق ، والجزية تؤخذ من جميعهم ، ويزعم أنهم مثله . 
وقال  أبو ثور  ، وأصحاب الرأي : ولو أن رجلا في يده صبي لا يدعيه ، وأقامت امرأة البينة أنه ابنها ولدته ، وأقام رجل البينة أنه ولد على فراشه قضى به للرجل والمرأة . ولو كان في يد رجل فادعته امرأة أنه ابنها وأقامت على ذلك البينة ، وكذلك لو كان في يد امرأة ، وأقام رجل عليه البينة أنه ابنه ولد على فراشه فهو ابن الرجل والمرأة في قول  أبي ثور  وأصحاب الرأي . 
				
						
						
