[ ص: 230 ]  [ ص: 231 ] المقصد الثالث : الإجماع وفيه أبحاث  
 [ ص: 232 ]  [ ص: 233 ] البحث الأول : في مسماه لغة واصطلاحا  
قال في المحصول :  الإجماع   يقال بالاشتراك على معنيين :  
أحدهما : العزم ، قال الله تعالى  فأجمعوا أمركم   ، وقال صلى الله عليه وآله وسلم  لا صيام لمن لم يجمع الصيام من الليل     .  
وثانيهما : الاتفاق ، يقال : أجمع القوم على كذا أي صاروا ذوي جمع ، كما يقال : ألبن وأتمر إذا صار ذا لبن وذا تمر . انتهى .  
واعترض على هذا بأن إجماع الأمة يتعدى ب ( على ) والإجماع بمعنى العزيمة لا يتعدى ب ( على ) .  
وأجيب عنه : بما حكاه  ابن فارس  في المقاييس فإنه قال : يقال أجمعت على الأمر إجماعا ، وأجمعته .  
وقد جزم بكونه مشتركا بين المعنيين أيضا   الغزالي     .  
وقال القاضي : العزم يرجع إلى الاتفاق ; لأن من اتفق على شيء ، فقد عزم عليه ، وقال  ابن برهان  وابن السمعاني     : الأول أي العزم أشبه باللغة ، والثاني أي الاتفاق أشبه بالشرع .  
ويجاب عنه : بأن الثاني وإن كان أشبه بالشرع فذلك لا ينافي كونه معنى لغويا ، وكون اللفظ مشتركا بينه وبين العزم .  
قال  أبو علي الفارسي     : يقال أجمع القوم إذا صاروا ذوي جمع ، كما يقال ألبن وأتمر إذا صار ذا لبن وتمر .  
وأما في الاصطلاح : فهو اتفاق مجتهدي أمة  محمد   صلى الله عليه وآله وسلم بعد      [ ص: 234 ] وفاته في عصر من الأعصار على أمر من الأمور .  
والمراد بالاتفاق الاشتراك ، إما في الاعتقاد ، أو في القول ، أو في الفعل .  
ويخرج بقوله ( مجتهدي أمة  محمد   صلى الله عليه وآله وسلم ) اتفاق العوام ، فإنه لا عبرة بوفاقهم ولا بخلافهم .  
ويخرج منه أيضا : اتفاق بعض المجتهدين .  
وبالإضافة إلى أمة  محمد   صلى الله عليه وآله وسلم خرج اتفاق الأمم السابقة .  
ويخرج بقوله ( بعد وفاته ) الإجماع في عصره صلى الله عليه وآله وسلم ، فإنه لا اعتبار به .  
ويخرج بقوله ( في عصر من الأعصار ) ما يتوهم من أن المراد بالمجتهدين جميع مجتهدي الأمة في جميع الأعصار إلى يوم القيامة ، فإن هذا توهم باطل ; لأنه يؤدي إلى عدم ثبوت الإجماع ، إذ لا إجماع قبل يوم القيامة ، وبعد يوم القيامة لا حاجة للإجماع .  
والمراد بالعصر : عصر من كان من أهل الاجتهاد في الوقت الذي حدثت فيه المسألة ، فلا يعتد بمن صار مجتهدا بعد حدوثها ، وإن كان المجتهدون فيها أحياء .  
وقوله ( على أمر من الأمور ) يتناول الشرعيات ، والعقليات والعرفيات ، واللغويات .  
ومن اشترط في حجية الإجماع  انقراض عصر المجتهدين المتفقين   على ذلك الأمر ، زاد في الحد قيد الانقراض .  
ومن اشترط عدم سبق خلاف مستقر ، زاد في الحد قيد عدم كونه مسبوقا بخلاف .  
ومن اشترط عدالة المتفقين أو بلوغهم عدد التواتر ، زاد في الحد ما يفيد ذلك .  
				
						
						
