ولها  شروط أربعة وعشرون      :  
(  الأول ) : أن تكون مؤثرة في الحكم   ، فإن لم تؤثر فيه لم يجز أن تكون علة .  
هكذا قال جماعة من أهل الأصول ، ومرادهم بالتأثير : المناسبة ، قال القاضي في التقريب : معنى كون العلة مؤثرة في الحكم هو أن يغلب على ظن المجتهد أن الحكم حاصل عند ثبوتها لأجلها ، دون شيء سواها .  
وقيل معناه : أنها جالبة للحكم ، ومقتضية له .  
(  الثاني ) : أن تكون وصفا ضابطا   ، بأن يكون تأثيرها لحكمة مقصودة للشارع ، لا حكمة مجردة لخفائها ، فلا يظهر إلحاق غيرها بها .  
 [ ص: 607 ] وهل يجوز كونها نفس الحكم ، وهي الحاجة إلى جلب مصلحة ، أو دفع مفسدة ، قال  الرازي  في المحصول : يجوز . وقال غيره : يمتنع .  
وقال آخرون : إن كانت الحكمة ظاهرة منضبطة بنفسها جاز التعليل بها ، واختاره   الآمدي ،  والصفي الهندي     .  
واتفقوا على جواز التعليل بالوصف المشتمل عليها ، أي مظنتها بدلا عنها ، ما لم يعارضه قياس .  
(  الثالث ) : أن تكون ظاهرة جلية   ، وإلا لم يمكن إثبات الحكم بها في الفرع ، على تقدير أن تكون أخفى منه ، أو مساويا له في الخفاء .  
كذا ذكره   الآمدي  في جدله .  
(  الرابع ) : أن تكون سالمة بحيث لا يردها نص ، ولا إجماع      .  
(  الخامس ) : أن لا يعارضها من العلل ما هو أقوى منها      .  
ووجه ذلك : أن الأقوى أحق بالحكم ، كما أن النص أحق بالحكم من القياس .  
(  السادس ) : أن تكون مطردة   ، أي كلما وجدت وجد الحكم ، لتسلم من النقض والكسر ، فإن عارضها نقض أو كسر بطلت .  
(  السابع ) : أن لا تكون عدما في الحكم الثبوتي   ، أي لا يبطل الحكم الوجودي بالوصف العدمي ، قاله جماعة .  
وذهب الأكثرون إلى جوازه .  
قال المانعون : لو كان العدم علة للحكم الثبوتي ; لكان مناسبا أو مظنة ، واللازم باطل . وأجيب بمنع بطلان اللازم .  
(  الثامن ) : أن لا تكون العلة المتعدية هي المحل ، أو جزءا منه      ; لأن ذلك يمنع من تعديتها .  
(  التاسع ) : أن ينتفي الحكم بانتفاء العلة ، والمراد انتفاء العلم أو الظن به   ، إذ لا يلزم من عدم الدليل عدم المدلول .  
 [ ص: 608 ]    (  العاشر ) : أن تكون أوصافها مسلمة ، أو مدلولا عليها   ، كذا قال  الأستاذ أبو منصور     .  
(  الحادي عشر ) : أن يكون الأصل المقيس عليه معللا بالعلة التي يعلق عليها الحكم في الفرع ، بنص أو إجماع      ( كذا قال  الأستاذ أبو منصور     ) .  
(  الثاني عشر ) : أن لا تكون موجبة للفرع حكما ، وللأصل حكما آخر غيره      .  
(  الثالث عشر ) : أن لا توجب ضدين      ; لأنها حينئذ تكون شاهدة لحكمين متضادين ، قاله  الأستاذ أبو منصور     .  
(  الرابع عشر ) : أن لا يتأخر ثبوتها عن ثبوت حكم الأصل   ، خلافا لقوم .  
(  الخامس عشر ) : أن يكون الوصف معينا      ; لأن رد الفرع إليها لا يصح إلا بهذه الواسطة .  
(  السادس عشر ) : أن يكون طريق إثباتها شرعيا كالحكم      .  
ذكره   الآمدي  في جدله .  
(  السابع عشر ) : أن لا يكون وصفا مقدرا      .  
قال  الهندي     : ذهب الأكثرون إلى أنه لا يجوز التعليل بالصفات المقدرة ، خلافا للأقلين من المتأخرين .  
(  الثامن عشر ) : إن كانت مستنبطة ، فالشرط أن ترجع على الأصل بإبطاله   ، أو إبطال بعضه ، لئلا يفضي إلى ترك الراجح إلى المرجوح ، إذ الظن المستفاد من النص أقوى من الظن المستفاد من الاستنباط; لأنه فرع له ، والفرع لا يرجع على إبطال أصله ، وإلا لزم أن يرجع إلى نفسه بالإبطال .  
 [ ص: 609 ]    (  التاسع عشر ) : إن كانت مستنبطة ، فالشرط أن لا تعارض بمعارض مناف موجود في الأصل      .  
(  العشرون ) : إن كانت مستنبطة فالشرط أن لا تتضمن زيادة على النص   ، أي حكما غير ما أثبته النص .  
(  الحادي والعشرون ) : أن لا تكون معارضة لعلة أخرى ، تقتضي نقيض حكمها      .  
(  الثاني والعشرون ) : إذا كان الأصل فيه شرط ; فلا يجوز أن تكون العلة موجبة لإزالة ذلك الشرط      .  
(  الثالث والعشرون ) : أن لا يكون الدليل الدال عليها متناولا لحكم الفرع   ، لا بعمومه ولا بخصوصه ، للاستغناء حينئذ عن القياس .  
(  الرابع والعشرون ) : أن لا تكون مؤيدة لقياس أصل منصوص عليه بالإثبات على أصل منصوص عليه بالنفي      .  
فهذه شروط العلة .  
				
						
						
