 
  الخيانة والغدر ديدن اليهود ، فهم لا يصبرون عن أخلاقهم الدنيئة ، ومؤامراتهم الخبيثة ، التي تجلب لهم الضرر ، وتكون سبب لعنهم ، وطردهم ، وإن هدؤوا قليلاً فسرعان ما يعودون إلى سابق عهدهم ، فبعد ما أصابهم في وقعة بني قينقاع ، وبعد مقتل  كعب بن الأشرف  ، استكانوا والتزموا الصمت ، إلا أنهم لم يصبروا على ذلك ، فبعد أحدٍ أخذوا يتصلون بالمنافقين في المدينة ، والمشركين في مكة ، والنبي صلى الله عليه وسلم صابر على أذاهم ، ثم تفاقم أمرهم ، وزاد شرهم بعد وقعة الرجيع وبئر معونة ، حيث دبروا مؤامرة خبيثة تستهدف القضاء على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقتله بواسطة حجر يسقطونه عليه وهو جالس إلى جدار أحد بيوتهم .
ولكن الله يحمي رسله من كيد الكائدين ، وغدر الغادرين ، حيث نزل  جبريل  بالوحي من السماء فأخبر الرسول بما دبره اليهود ، فقام الرسول مسرعاً ، وبعث  محمد بن مسلمة  إلى يهود بني النضير ، يخبرهم بأن يخرجوا من المدينة ولا يساكنوا المسلمين ، وأمهلهم عشرة أيام ، فمن وجد بعد ذلك قتل ، فتأهبوا للخروج ، ولكن المنافقين تدخلوا ، فأخروهم ، وأخبروهم أنهم معهم ضد المسلمين ، كما فضحهم القرآن الكريم ، قال تعالى: { ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب لئن أخرجتم لنخرجن معكم ولا نطيع فيكم أحدا أبدا وإن قوتلتم لننصرنكم والله يشهد إنهم لكاذبون } (سورة الحشر : 11) . 
وهنا تراجع اليهود ثقة بوعود  عبدالله بن أبي بن سلول  ، ومناصرة قريظة وغطفان ، وعزموا على مقاتلة المسلمين ، وبعث رئيسهم  حيي بن أخطب  إلى الرسول يخبره بعدم الخروج . 
فسار إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بعد أن استخلف على المدينة  ابن أم مكتوم  ، وكانت غزوة بني النضير التي جرت أحداثها في السنة الرابعة للهجرة ، حيث فرض عليهم الحصار ، ولجأ اليهود إلى الحصون ، واحتموا بها .
ثم أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقطع نخيلهم وتحريقها ، فنزلت: { ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله } (الحشر : 5)، واعتزلتهم قريظة ، وخانهم  عبدالله بن أبي  والمنافقون ، وحلفاؤهم من غطفان ، وبقوا في شر حال ، محاصرين أياماً ، حتى اندحروا واستسلموا ، وأرسلوا للرسول يريدون الخروج من المدينة ، فوافق على أن يخرجوا بنفوسهم وذراريهم ، مع ما يستطيعون حمله على إبلهم من المتاع إلا السلاح . وهذا يظهر عظمة الإسلام ، ورحمته بالناس ، وحلم النبي صلى الله عليه وسلم . 
فخرج اليهود يجرون ذيول الخيبة والهزيمة ، بعد أن خربوا بيوتهم بأيديهم ليحملوها أبواباً وشبابيك وأوتاداً، فرحل أكثرهم إلى خيبر، وطائفة منهم إلى الشام، وأسلم بعضهم . وغنم المسلمون أرضهم وديارهم ، وأسلحتهم التي بلغت خمسين درعاً ، وخمسين بيضة-خوذة الرأس- ، وثلاثمائةوأربعين سيفاً .
ومن نتائج هذه الغزوة تطهير المجتمع الإسلامي من أهل الغدر والخيانة ، فتم إجلاء يهود بني النضير من المدينة كما حصل لأصحابهم بني قينقاع من قبل ، وذلك جزاءاً بما كسبت أيديهم ، وبه يخف الضرر على المسلمين ، ويقل بالمدينة أصحاب القلوب المريضة ، المحملة بالغدر والخيانة ، ومن نتائجها وفوائدها نزول سورة الحشر التي جاء فيها وصف اليهود ، وفضح المنافقين ،  وبيان أحكام الفئ ، وبيان جواز القطع والحرق في أرض العدو إذا اقتضت المصلحة ذلك ، وفوق ذلك آيات بينات تثني على المهاجرين والأنصار لتخلد ذكرهم في الأرض إلى قيام الساعة ، والله الموفق . 
 
				 
				 
  فتاوى الحج
 فتاوى الحج مقالات الحج
 مقالات الحج تسجيلات الحج
 تسجيلات الحج استشارات الحج
  استشارات الحج 
        						




 
						 
						

 
					 
					