أصبت بالعشق والمخدرات وترك الصلاة فوجهوني!
2025-12-16 03:36:52 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا شاب عمري 23 عامًا، دخلت في علاقة مع فتاة وأصابني العشق، ثم ابتُليت بالمخدرات، وارتكبت الكثير من الذنوب، واستمررت على ذلك عدة أشهر، وانقطعت عن الصلاة، وبعد فترة بدأت آثار المخدرات تظهر عليّ، وبسببها خسرت كثيرًا، وأصابني الهم والغم والوساوس، وساءت حالتي النفسية جدًا.
أريد التوبة، وأحاول أن أصلي، لكنني لا أستطيع بسبب الهموم والاكتئاب والخوف، وحالتي النفسية سيئة جدًا، وقد أضرب نفسي أحيانًا، فأصلي جالسًا، فهل عليّ شيء؟ وهل صلاتي مقبولة؟ وماذا أفعل في الصلوات التي ضيعتها في تلك الفترة؟ أشعر أنني أُسوّف وأنني منافق، وأخاف أن أقول "لا أستطيع" فيُقال لي "ما استطعت". الله يعلم، لكن خوفي من نفسي شديد.
أما الفتاة فلا أستطيع تركها، لكنني عزمت أن أتقي الله في علاقتي بها، وأخبرتها بذلك، فهل لي عذر في التواصل معها؟
أتمنى الرد.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مصطفى حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك أخي الكريم في إسلام ويب، وردًّا على استشارتك أقول، ومن الله أستمد التوفيق:
اعلم- أخي الكريم- بارك الله فيك، وشرح صدرك، ووفّقك للتوبة والاستقامة: أن ما ذكرته يدل على حياة قلبك، وصدق رغبتك في التوبة، وهذا من أعظم أبواب الرجاء.
من صفات البشر أنهم يخطئون ويذنبون، وليس معصومًا من ذلك إلا الأنبياء عليهم السلام، قال الله تعالى في الحديث القدسي: «يَا عِبَادِي، إِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا، فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لَكُمْ»، ويقول عليه الصلاة والسلام: «والذي نفسي بيده، لو لم تذنبوا لذهب الله بكم، ولجاء بقوم غيركم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم».
ما دمت قلقًا لهذه الدرجة؛ فهذه بقايا الإيمان تصرخ في قلبك أن تُبقيها وألا تفرّط بها، وأن تدعمها بالتوبة والأعمال الصالحة؛ فإن جاهدت نفسك في الله، وصدقت فسوف تنهض من كبوتك، وسترى شعاع الإيمان يشعّ من جديد في قلبك، وستجد حلاوته ولذّته بإذن الله تعالى
اعلم أن باب التوبة مفتوح مهما عظمت الذنوب، قال تعالى: «قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ»، وما أصابك من همٍّ ووساوس وخوف بعد المعصية هو من آثار الذنب، لكنه ليس دليل نفاق، بل كثيرًا ما يكون رحمة وسوقًا للعبد إلى الله؛ فلا تقنط من رحمة الله تعالى، ولا تجلد نفسك بكثرة فتتمرد عليك.
ما تعانيه من نوبات الاكتئاب وضيق الصدر من آثار الذنوب والمعاصي، كما قال تعالى: «وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى» والعلاج من ذلك المبادرة بالتوبة النصوح، والتي من شروطها: الإقلاع عن الذنب، والندم على ما فعلت، والعزم على عدم العودة إليه؛ فإن حصل ذلك، فسوف يرفع الله عنك جميع آثار الذنوب.
الصلاة لا تسقط عن الرجل المسلم إلا في حال زوال عقله، والقيام ركن من أركان الصلاة لا تصح إلا به، إلا إن عجز فلم يستطع القيام فليصلِّ قاعدًا، كما قال عليه الصلاة والسلام: «صلِّ قائمًا، فإن لم تستطع فقاعدًا» وأنت دون شك قادر، لكن الشيطان الرجيم يحاول أن يثبّطك عن القيام بذلك؛ فاستعذ بالله منه ومن شرّه ووساوسه، واستعن بالله ولا تعجز، وأكثر من الدعاء بين يدي الله، وسله التوفيق والإعانة والنصر على الشيطان الرجيم؛ فإن صدقت مع الله صدقك الله ووفّقك.
الصلوات التي تركتها إن كانت قليلة ويمكنك قضاؤها فاقضها، وإن كانت كثيرة ولا تستطيع القضاء فالتوبة تمحو ما قبلها، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، وعليك أن تكثر من النوافل والاستغفار.
لا يجوز لك إيذاء نفسك؛ فذلك من الأعمال المحرّمة، وفعلك هذا يدل على شدة ما تعانيه من الضيق، والذي ننصحك به هو أن تذهب إلى طبيب نفساني، وتذكر له ما تعانيه من الضيق والاكتئاب؛ ليصف لك العلاج المناسب إن لزم ذلك، وعليك أن تستخدمه بحسب توجيهاته؛ فطلب الدواء مشروع، وذلك لا ينافي التوكل على الله تعالى.
يجب عليك فورًا أن تقلع عن المخدرات، وتتوب من ذلك الفعل القبيح المدمّر، ولا بد من الابتعاد عن كل سبب يوصل إليها، والابتعاد عن رفقاء السوء وقطع التواصل معهم، واستبدال ذلك بمرافقة الصالحين، وطلب برنامج علاجي إن لزم؛ فالإدمان مرض يحتاج علاجًا، لا مجرد نية.
علاقتك مع تلك الفتاة خارج إطار الزواج لا تجوز، ولا يُعذر فيها بالتعلّق أو الحب؛ فهذه امرأة أجنبية بالنسبة لك، ولو سألتك فيما لو كانت لك أخت، هل ستسمح لشخص أن يبني معها علاقة خارج إطار الزوجية؟ لقلت: لا أرضى ذلك، فكذلك الناس لا يرضون بذلك، والحفاظ على عرضك يبدأ بالحفاظ على أعراض الآخرين.
إن كانت تلك الفتاة مستقيمة على أمر الله، وتتوفر فيها الصفات التي حثّ النبي صلى الله عليه وسلم على الحرص عليها في الزوجة، وهي أن تكون ذات دين وخلق، وكانت عندك الاستطاعة على الزواج بها، فتقدّم لها بالطريقة المشروعة المعروفة.
وإن كانت لا تتوفر فيها الصفات، أو لا تستطيع حاليًا الزواج، فلا تعلّق بنت الناس؛ فاقطع علاقتك بها، ثم أنت لا تدري هل يوافق أهلها على تقدمك أم لا، وقد تكون طلباتهم غير مقدور عليها، فلا تعلّق قلبك بشيء لا تدري عواقبه، وتكون نتيجته على قلبك عكسية ومدمّرة.
الزواج مقدّر لكل أحد، فأنت لا تدري من هي نصيبك التي كتبها الله لك، وهي كذلك، وعليك أن تتأكد من صفات من تريدها، وأن تستشير وتصلي صلاة الاستخارة، ولا تتعجل؛ فالزواج ليس تسلية، بل هو مشروع عمر.
ما ذكرته من الوسواس والخوف من النفاق، هذا من مداخل الشيطان ليصدّك عن التوبة؛ فالمؤمن قد يضعف ويذنب، لكنه يجاهد ويتوب، والمنافق لا يتألم من ذنبه ولا يسعى للإصلاح؛ فلا تلتفت لهذه الوساوس، واشتغل بالعمل لا بالتحليل.
والخلاصة:
بادر بالتوبة النصوح ولا تؤجل.
بادر بأداء الصلاة، واستعن بالله ولا تعجز.
إن كنت تقدر على قضاء الصلاة وكانت قليلة فاحسبها واقضها، ولا يلزم أن تُقضى دفعة واحدة، بل بالتدريج، وبحسب قدرتك، وإن كانت كثيرة فالتوبة تمحو ما قبلها، وأكثر من النوافل.
اقطع المخدرات، واطلب علاجًا نفسيًا متخصصًا.
لا تمارس الأذى على نفسك، بل توقف عن ذلك فورًا؛ كون ذلك من المحرمات.
اقطع العلاقة المحرمة مع تلك الفتاة، أو حوّلها إلى زواج شرعي إن أمكن ذلك، بعد تيقنك من توفر صفات الزوجة الصالحة فيها.
نوصيك بكثرة ذكر الله، وتلاوة القرآن الكريم واستماعه.
حافظ على أذكار اليوم والليلة من خلال كتاب حصن المسلم للقحطاني، أو تطبيق أذكار المسلم.
نسأل الله تعالى أن يمنّ علينا وعليك بالتوبة والاستقامة، وأن يرزقنا الثبات على ذلك، ونسعد بتواصلك.