الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أتواصل مع فتاة بنية الزواج وظروفي لا تسمح، أرشدوني!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شاب عمري 22 سنة، على تواصل مع فتاة بنية الزواج، ولكن ظروفي الحالية لا تسمح بالزواج، بسبب وضعي الصحي والمادي، فمن الناحية الصحية، أصبت منذ ثلاث سنوات باضطراب القلق والتوتر، مما سبب لي ضيقًا دائمًا في التنفس، وأرقًا وتعبًا شديدًا، وجعلني فاقدًا للشغف ومحبطًا، ومن الناحية المادية، أنا مغترب الآن خارج بلدي، في محاولة لتحسين وضعي، والشفاء من مرضي، لكن للأسف وضعي النفسي ازداد سوءًا.

هذه الفتاة تقدم لها بعض الخطّاب، لكنها ترفض من أجلي، رغم أنني تركت لها حرية الاختيار، ولا أدري متى أستطيع التقدم رسميًا لظروفي الحالية، أنا أشعر بتأنيب الضمير تجاهها وتجاه الله تعالى، ولا أعلم هل أستمر في التواصل معها، أم أبتعد حتى يقدر الله لي الفرج؟

أفيدوني، وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابننا الفاضل- في الموقع، ونسأل الله أن يكتب لك الشفاء الكامل، ويكتب لك الأجر الكامل أيضًا، وأن يُوسّع عليك في الرزق، وأن يُلهمك السداد والرشاد، هو وليُّ ذلك والقادر عليه.

لقد أحسنت حين كنت واضحًا مع الفتاة، بأن تركت لها الخيار، ومن المهم جدًّا أن تكون ناصحًا لنفسك ولها، بأهمية التوقف عن هذه العلاقة؛ لأن هذه العلاقة لا ينبغي أن تستمر ما لم يكن لها غطاء شرعي، والغطاء الشرعي يعني: أن تتقدّم رسميًا، وتُخبر محارمها، وأيضًا تُشرك أهلك في المسألة، ويكون بعد ذلك إجراء رسمي لتأسيس علاقة شرعية.

فالتواصل بين الشاب والفتاة خارج الأطر الشرعية، وقبل العلاقة الشرعية، هذا مصدر شر، وسبب للفشل حتى لو قامت الحياة الزوجية بعد ذلك؛ لأن الإنسان ينبغي أن يبدأ بخطوات صحيحة، وأول خطوة ينبغي أن نبدأ بها هي أن نطرق باب أهل الفتاة، ونتأكد من إمكانية الارتباط، ونسأل عنهم، ويسألون عنَّا، ويحصل هذا التوافق، ونُذكّرك بأن العلاقة الزوجية ليست بين شاب وفتاة فقط، لكنها بين أسرتين، وبين قبيلتين، وسيكون هاهنا أعمام وعمّات، وفي الطرف الآخر أخوال وخالات، فهذه العلاقة ما ينبغي أن تبدأ بالطريقة التي بدأتم بها، فمعظم الشباب -بكل أسف- في زماننا يبدأ العلاقة، فتتعمّق المشاعر، ثم يُشرك أهله وأهلها، فيحصل الرفض، فتكون الندامة، وأنا أقول: حتى لو حصلت الموافقة؛ فإن شؤم المعصية يُطارد هذه العلاقة.

لذلك أرجو أن تكون واضحًا في الاعتذار لها، وتُبيّن لها الظرف الصحي الذي تعانيه، وأيضًا الصعوبات المادية التي تُقابلك، وأنه ليس من المصلحة أن تنتظر، فإذا جاءها مَن يتقدّم إليها، وكان صاحب دين وخلق، فعليها ألَّا تُعطّل نفسها، وخروجك من هذه العلاقة التي فيها تعلُّق أيضًا، سيكون فيه عون لك على بلوغ العافية، والخروج من حالة التوتر النفسي والألم النفسي؛ لأنك الآن تريد قطع العلاقة، لكنك لا تستطيع، وهي أيضًا كلما ترفض الخطاب، فسيكون هذا مصدر إزعاج بالنسبة لك؛ لأنها تربط نفسها بك في علاقة قد لا تكتمل، وقد يطول ذلك، وهذا سيسبب لها إشكالات مع أسرتها، وليس من مصلحتها.

نحن لا نرضى لبنات الناس ما لا نرضاه لأخواتنا أو لبناتنا، ومن أخطر الأشياء للفتاة أن تُكرّر الرفض للخُطّاب؛ لأن هذا سيدفعهم إلى التوقف عن طرق الأبواب، وعندها ستكون الخاسرة الوحيدة هي الفتاة، فندعوك وإياها إلى التوبة، ثم التوقف، ونحن نُدرك أن الأمر قد يكون فيه صعوبة، لكن الأصعب والأخطر والكارثة أن تستمر العلاقة بهذه المجاملات، وهي علاقة ليس لها أفق، ولا ندري متى وكيف ستكتمل.

نسأل الله أن يُعجّل لك بالشفاء الكامل، والأجر التام، وأن يُسهّل أمر هذه الفتاة، وأن يُعينك على تأسيس حياتك تأسيسًا صحيحًا، وفق قواعد وضوابط هذا الشرع الذي شرّفنا الله -تبارك وتعالى- به.

نسأل الله أن يردّنا جميعًا إلى الحق ردًّا جميلًا.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً